فحوى الخطاب المغرور المطول الذي ألقاه الرئيس بشار الأسد يوم الأربعاء ٣٠/٣/٢٠١١م أمام نواب الشعب السوري المفترضين لم يأتي مخيبا للآمال فحسب بقدر ما إستبان منه أن هناك سوء فهم عميق لدى القيادة العليا ؛ جعلها لا تعرف الفرق ما بين واجبات الرئيس وحقوق الوريث.
ووفقا لما جاء في هذا الخطاب الأسدي . فقد تبين أن المسافة لا تزال شاسعة بين مطالب الشعب السوري بالعدالة والحرية ، وبين قناعات إستعداد القيادة السياسية للتنازل طوعا أو كرها ولو عن جزء يسير من مكتسباتها العريضة وحقوقها (في إستعباد الشعب) التي ظل حزب البعث يمارسها منذ عام ١٩٦٣م ...
ليس من الغريب إذن أن يتحدث البعض من أبناء الشعب السوري فيجأرون بالشكوى من أنهم باتوا مخنوقين . وأنهم بعد أن إستمعوا لخطاب رئيسهم وشاهدوا نفاق نواب الشعب داخل المجلس لم يعد لديهم ما يخافون عليه أو يخسرونه. وأن لا مناص من الإستمرار في الثورة حتى آخر قطرة دم من الشهداء.
وفي اليمن السعيد ... وبعد الكلمة المختصرة التي ألقاها راعي الأغنام القديم المطبوع الرئيس اليمني علي عبد الله صالح اليوم عقب صلاة الجمعة ١/٤/٢٠١١م في حشد بلغ بضعة آلاف من مؤيديه وأنصاره في صنعاء . وأعلن فيها أنه يفدي بلاده وشعبه بالغالي والرخيص .. إتضح بشكل جلي أن علي صالح قد إختار خيار المراوغة حتى النهاية في مواجهة الرياح الجماهيرية العاتية التي تطالب صراحة بالتغيير عبر إسقاط النظام.
..... ويبقى الفرق بين علي صالح اليمني وبشار الأسد السوري أن اليمني خفيف الظل وهو يراوغ شعبه والعالم ويلعب بالبيضة والحجر كي يظل على كرسي الحكم حتى آخر حيلة . في حين بدا السوري متعاليا شديد التعالي في خطابه الذي حرص فيه على تجاوز (الرعاع) من الرعية ، والإكتفاء بمخاطبة النخبة من أعضاء حزب البعث الحاكم ، وأعضاء مجلس الشعب من نواب الزور والتزوير الذين كانوا يتقافزون تحت منصته راقصين مصفقين مزغردين ؛ مقنعي رؤوسهم مهللين مكبرين بإسم نصف الإله.
.......
وإذا كان هناك من حل وسط وقرار شجاع ينهي الثورة في اليمن وسوريا ويستبان من خلاله من هو المرغوب ومن هو المرفوض . فمن الخير أن تتم الدعوة لإنتخابات نيابية ورئاسية عامة حرة نزيهة بمراقبة الأمم المتحدة حتى يعرف كل طرف ما له وما عليه عوضا عن هذا الجدل العقيم والمراوغة التي باتت مكشوفة.
وعدا ذلك فمن الصعب أن يظل علي صالح وبشار الأسد ينعمان بأكل بلح الشام وعنب اليمن في آن واحد.
الدكتور
يوسف السعيدي
العراق