قبل شهر قلنا لاصحاب المولدات اذهبوا الى الجحيم لسنا بحاجة اليكم لأن وزير الكهرباء قال: (لا أزمة كهرباء بعد اليوم) ، اليوم عدنا نتملق لهم وهم يقولون بشماتة : (خل عفتان يفيدكم) ، اتضح ان اباطرة المولدات اقوى من سطوة الوزارات ، درجات الحرارة تواصل انخفاضها ، المستنقعات الشعبية المتبقية من المطرة السابقة داخل بعض الاحياء تتحول الى سطوح جليدية ليمشي فوقها طلاب المدارس مسرورين ، انهيار اضافي في الشوارع والارصفة في كل مكان لا أحد يستغرب ، فالمقاولون يسلمون البلديات شوارع جديدة منجزة عمرها ستة اشهر حسب الاتفاق ، أما في المجال الأمني فان كوكبة جديدة من كبار الذباحين والامراء يغادرون سجن الكاظمية عنوة حسب الصفقة وبسعر السوق ، وقد تطلب السيناريو قتل جندي او اكثر كشهداء للواجب ، كما تقتضي القصة ، ثم تسجيل جريمة التهريب ضد مجهول ، القاسم المشترك بين كل حالات تهريب السجناء هو سلاسة التنفيذ والصمت الأمني والسياسي والاداري الذي يرافق العملية . اغتيالات وتفجيرات وتهجير طائفي واحتلال ارهابي لمناطق وفرض اتاوات على اهلها ، ولجان حكومية جديدة يتم تشكيلها للتحقيق في الكوارث ، فتختفي اللجان وتستمر الكوارث ، هذه هي الملفات التي تهيمن على الاجواء الانتخابية الباردة الممطرة المظلمة ، اعتقد كل مواطن يخطط لمقاطعة الانتخابات فهو جاهل لأن ذلك معناه : ١- النظام الديمقراطي لا يعجبه ويريد التخلص منه ، وهذا يعني ضمنا تأييد عودة النظام الاستبدادي ، فلا بديل للنظام الديمقراطي الا الاستبداد . ٢- ربما تجد مواطنا يؤيد النظام الديمقراطي لكنه يعد مقاطعة الانتخابات طريقة للاحتجاج والاعتراض على الفشل الحكومي ، والمشكلة هنا كيف يتعلم المواطن اسلوبا مثمرا في الاحتجاج وليس اسلوبا مدمرا لحقوقه ؟ ٣- ربما يحاول برفضه هذا منع احزاب وكتل معينة من الوصول الى السلطة ، وهو كمن يحرق غابة كاملة لقتل ثعلب ! ٤- قد يقاطع الانتخابات كسلوك انسحابي اي الانهزام امام الأزمة وليس مواجهتها وتعبيرا عن اليأس والاحباط والافتقار الى صيغة ثانية للتعبير ، والحقيقة ان هناك فرصة واحدة يعبر فيها المواطن عن سخطه او رضاه وهي المشاركة في الانتخابات . المقاطعة تهديد للنظام السياسي والتمهيد لصيغ أخرى خطيرة في الحكم مثل حكومة الانقلاب ، حكومة الانقاذ ، حكومة الطوارئ ، حكومة تصريف الاعمال ، وهذا يعني تحقيق اهداف الفئات المعادية الآتية : ١- الذين يريدون البقاء في السلطة الى الابد ويزعجهم التداول السلمي والتغيير . ٢- الفاسدون سواء كانوا افرادا او مجموعات او شبكات فهي تنمو في ظل النظام الفردي او الفوضى او الصراع السياسي . ٣- قوى اقليمية تريد افشال التجربة في العراق لكي لا يكون منافسا اقتصاديا ونفطيا وعسكريا وستراتيجيا في المنطقة .٤- قوى لا ابالية محلية ليست ذات التزام وهي دائما مع الاقوياء واصحاب السلطة تبحث عن الفرص وتعتاش على
الازمات ، ولو كان العزوف عن الانتخابات موقفا سليما لما نهت عنه المرجعيات الدينية وحذرت منه ."