مازال بعض الساسة واحزابهم يتصرفون في ظل الديمقراطية بروحية المستبدين الذين يهيمن عليهم مزاج عدواني وخليط من الجهل والغرور وسكرة السلطة ووحشية المستاثرين ، والتكبر والتشدد في حب الذات والتمسك باسلوب الاقصاء والتهميش وقسوة التعامل ، فاذا دخلوا ساحة التنافس الانتخابي المشروع لا يجدون وسيلة سوى التشهير والتسقيط وما يوجب التشويش والتوهين للطرف الآخر ليخرجوا باداء دعائي مخجل ومقزز ويدعو للتقيؤ ، وهذه مناسبة للتذكير بكيفية ممارسة دعاية متحضرة قبل الانتخابات فالمعروف ان الدعاية الانتخابية ترمي الى ٣ اهداف عادة هي : ١- تعريف الحزب او المرشح تعريفا كافيا يجعل الناخبين يدركون من هو ومن هو حزبه هدفا وتاريخا ومشروعا . ٢- تعريف منجزات المرشح او منجزات الحزب بطريقة مختصرة وموثقة بعيدا عن المبالغة والتهويل. ٣- اقناع الناخب بأن ينتخب هذا المرشح او مرشحي هذا الحزب بالاستناد الى هويته وتأريخه ومنجزه الوطني . هذه المحاور لا توجد فيها مشكلة ، وعملية تداولها في اجواء الدعاية الانتخابية شيء ضروري ، وليس هو حقا لاصحابها بل واجبا عليهم ، يجب ان يتعرف الناس على كل حزب مشارك في العملية السياسية ويتعرف على مرشحيه خارج دائرة تنظيماته الخاصة اي في اوساط المترددين ومن لم يحسموا خيارهم ، اما ظاهرة التنافس بين المرشحين او بين الاحزاب فهي الاخرى ظاهرة طبيعية وتحصيل حاصل للعملية الانتخابية ، وهي ظاهرة يعتز بها المجتمع الديمقراطي لانها من لوازم التعددية السياسية ولا يمكن فصل مبدأ التنافس عن المنهج الديمقراطي في الحكم ، والتنافس ظاهرة ايجابية تجبر المتنافسين على التمسك دائما باسباب التفوق والابداع والارتقاء لكي ينالوا اعجاب الناخب ، كل يعرض بضاعته وللناس حرية الاختيار ، فالسوق الانتخابية تشبه سوق المنافسة الكاملة المبنية على فن التسويق واقناع المستهلك دون المساس بشركاء المهنة ، ومن امثلة الحياة في سوق الفواكه لا نجد نزاعا ولا شجارا بين اثنين من البقالين لان احدهما حقق مبيعات اكثر من الآخر ، فهم يؤمنون بالرزق المقدر ولا يتحاسدون ، ليت الساسة يتعلمون اخلاق التنافس الشريف من البقالين الشرفاء ، في وقت اصبحت الطبقة السياسية تضم في صفوفها اراذل الناس ممن تنقصم الاخلاق . ومن يراجع قوانين الترشيح والانتخاب والدعاية في العالم لا يجد ضمن بنودها شيئا اسمه تسقيط المنافسين او شتمهم او او تشويه سمعتهم ، لأن الشتم والافتراء والبهتان من صفات اراذل الناس وهي قضية اخلاقية وليست سياسية ، نحن في العراق الآن نعاني من ظاهرة تسقيط المنافسين ، هناك من اعتاد استخدام هذا الاسلوب ، الحزب الفاشل الذي ليس لديه حالة نجاح يقنع بها الناخبين يحاول ان يرسم لجميع منافسيه صورة الفاشلين لكي يكون التنافس في النهاية بين مجموعة من الفاشلين ، المتساوين في فشلهم وليس نجاحهم ، بينما في الوضع الطبيعي يجب ان يصور صاحب الدعاية الانتخابية نفسه بأنه الاكثر منجزا ويكتفي بذلك وهو غير مجبر على ذكر الآخرين خيرا او شرا . لكن اسلوب التسقيط اصبح معروفا لدى الشارع ويدل على ان من يستخدمه هو الفاشل اليائس ، وقد اصبحت هذه دالة ذهنية خطيرة لدى الجمهور لا يمكن تلافي آثارها .