بهرز بلدة صغيرة ملتصقة بمدينة بعقوبة الى جنوبها على شاطئ نهر ديالى ، فيها حواضن ارهابية شبه نائمة تصحو بين الحين والآخر لتقتل وتهدد وتعود الى رقودها ، لكن هذه المرة هاجم الارهابيون الفارون من الانبار هذه البلدة الصغيرة التي تغفو بين البساتين وقتلوا بعض افراد الشرطة وخطفوا بعضهم فما كان من القوات الامنية الا ان طوقت المدينة ثم جاست خلال الديار وقد سحقت الارهابيين الا ان البلدة الصغيرة دفعت ثمنا باهضا لتحريرها ، عندما اتخذ الارهابيون من المنازل وساكنيها دروعا بشرية ليكرروا تجربتهم في المدن السورية والفلوجة والرمادي ، لذا كان حسم المعركة امرا صعبا ، معركة كهذه تخلف عادة خسائر في ارواح المواطنين ومساكنهم وهذا ما حصل في بهرز ، صحيح ان الارهابيين فشلوا في البقاء في هذه البلدة وتلقوا لطمة دامية من القوات المسلحة لكن بهرز ظهرت وكأنها تعرضت لهزة ارضية ٨ درجات ريختر ، اذا كانت كل مدينة يتم تحريرها من الارهابيين تصاب بمثل هذا الدمار فهي قضية تثير الجدل ، ولكن في خلفية هذا المشهد هناك قضية اكثر اهمية فقد جرت معركة بهرز في وقت مازالت العمليات العسكرية الواسعة في الانبار والفلوجة لم تحسم بعد ، وفي وقت يتهيأ الارهابيون لفتح محاور قتال جديدة في كل من حزام بغداد الذي يمكن ان تنفتح فيه ما لايقل عن سبعة محاور ، وشمال الحلة ، وصلاح الدين ، وجنوب كركوك ، والموصل ، وجبال حمرين في مثلث ديالى كردستان ايران ، اضافة الى هجمات سريعة بالمفخخات يمكن ان تطال المناطق الآمنة في محافظات الجنوب ، فهل ستكون معركة بهذه السعة سهلة على الجيش العراقي الذي يعالج جراحه في الانبار؟ امام هذا الاحتمال الخطير من الضروري الاشارة الى جملة من الحقائق الاستراتيجية القائمة : ١- حقق الجيش العراقي انتصارات مهمة في مواجهة داعش في وادي حوران والرمادي والفلوجة وقد اظهر المقاتلون بسالة قل نظيرها اذهلت الارهابيين واعادت للجيش العراقي اعتباره ، الا ان الجيش اصيب بخسائر فادحة والسبب في ذلك ضعف الاستخبارات وضعف التسليح والفوضى في ادارة المعركة . ٢- اذا استمرت هذه الخسائر وخلل الاستخبارات والتسليح فلن يكون الجيش مستعدا للقتال في جبهات جديدة . ٣- يجب ان تجري معالجة الأزمة باجراءات شاملة وعدم التركيز على الحل العسكري منفردا ، يجب كسب ثقة الاهالي في تلك المناطق واستثمار المؤيدين للعملية السياسية وتقديم العون لهم لحماية مناطقهم وحل مشاكل تلك المناطق التي تشجعهم على السكوت مقابل الارهاب او تأييده بسبب الشعور بالمظلومية ، ثم تقوية الاعلام التعبوي واعلام التوعية مقابل الاعلام التضليلي وحرب الاشاعات التي يستخدمها الارهاب وحواضنه . ٤- حل الخلافات السياسية بين الاطراف المختلفة والتي تعد مغذيا للارهاب فالمعروف ان الحل الامني مستحيل بدون وجود حل سياسي واتفاق بين الاطراف حول نقاط الخلاف الاساس . ومعروف ان الحروب المصيرية تتطلب وجود جبهة سياسية داخلية متماسكة قادرة على دعم المعركة وتوفير غطاء من الشرعية لها لذا يترتب على القيادة العامة للقوات المسلحة بذل جهود اكبر لتوحيد الجبهة السياسية وعدم فتح جبهات اعلامية او دعائية ضد اي شريك في العملية السياسية او ضد اي سلطة من السلطات ، لأن اي معركة جانبية من هذا النوع توفر فرصا للهزيمة في المعركة ضد الارهاب بدل فرص النصر .