ثمان سنوات من تصاعد الارهاب واستفحال الفساد وسرقة الاموال وتفشي الفقر وتوقف التنمية الشاملة واشعال الازمات السياسية ... يقولون : الم تكن الانتخابات هي السبب في هذا الفشل ؟ وهذه العبارة الأخيرة تثلج صدور مروجي ثقافة الحكم الدكتاتوري ، وتطرب العربان في المنطقة لانها اعلان مباشر عن هزيمة الديمقراطية في العراق ، لكن هناك مغالطة واضحة ، فالفشل في العراق لا يعني ان النظام الديمقراطي فاشل بل يعني ان الشعب لم يستفد من حرية الاختيار والفصل بين السلطات ، واصبحت مصالح الاحزاب والاشخاص فوق مصالح الشعب ، فقد تم تمرير كل انواع الفشل والفساد بمساعدة منظومة سياسية متفاهمة على مصالحها وحصصها وليس في ثقافتها خدمة الشعب ... في الدورة المقبلة يمكن ان تتكرر تجربة الفشل نفسها لعودة الوجوه والاحزاب نفسها ، ما الذي تغير؟ مما يضطر الشعب الى الانفجار ووضع حد لهذه المهزلة بدمه ود\م ابناءه عبر ثورة عارمة لا تبقي ولا تذر ! كيف يمكن تجنب هذه النهاية المرعبة ، الجواب يجب ان نساعد على تنشيط آليات النظام الديمقراطي التي يستخدمها لاصلاح نفسه بنفسه بدون الحاجة الى ثورة دموية ، واول تلك الآليات ان تفرض الاحزاب رقابة على على نوابها وكبار الموظفين التابعين وتراقب كفاءتهم ونزاهتهم ، فاذا فشلوا تنحيهم وتستبدلهم بغيرهم ، اي على العكس مما يجري الآن حين تدافع كل كتلة عن مفسديها ولصوصها وفاشليها عندما يراد استدعاؤهم الى البرلمان لمحاسبتهم ، لكن هذا الاجراء يحتاج الى دعم قانوني يتيح للاحزاب محاسبة اتباعها ، ثم تنشيط دور مجلس النواب والامر بيد النواب انفسهم اذا تعاهدوا على اداء دورهم في التشريع والمراقبة والمحاسبة والتقييم وتقديم الواجب الدستوري على مصلحة الفرد والحزب ، اذا لم يتم تفعيل هاتين الطريقتين فستكون الدورة المقبلة هي الاسوأ بعد التغيير وقد تضع نهاية لمهزلة الديمقراطية في العراق باسلوب مؤسف .