لكن على مدار العقود الأخيرة, كانت محافظات الجنوب الأكثر فقراً! فالطاغية صدام عمد إلى تدمير محافظات الجنوب, لعقد نفسية مستحكمة تدفعه لفعل كل قبيح, فكان قبح إعماله مسلط على أهل الجنوب, فعاشت عقود وهي تفتقر لأبسط مقومات الحياة , فحتى ماء الشرب غاب عنهم, تعيش بشكل العصور الوسطى, وأموال بترول أرضها يتنعم به الطاغية وبطانته وبعض المحافظات, بل تعدى عدد المستفيدين, لآلاف من المرتزقة العرب, من تجار وإعلاميين وشعراء وفنانين. عام ٢٠٠٣ استبشر خيرا أهل الجنوب, بالخلاص من الطاغية ووصول الحكم للمظلومين, لكن مع الأيام تبخرت الأحلام, فبقي ثروة الجنوب تغذي كل العراق, والأموال تهدر سنويا, وتشكلت فئة متخمة من أموال النفط, وبقي حال سكان المحافظات الجنوبية لا يسر, وزير يتبع وزير للنفط, ولا تطوير حقيقي للجنوب, لا لأبارها ولا لموانئها, فقط يتم إفراغ باطنها من كنزه, ليتم الأمر لشبكة مستفيدة من دون العراقيين! المليارات أهدرت سنويا من أموال الجنوب, في سنوات غياب الرقيب, والإنتاج بقي في مستويات واطئة, مع تزايد الحاجة لرفع الإنتاج, لكن لا اهتمام حقيقي بالجنوب وبنيته التحتية. اليوم شرع الوزير الجديد بسياسة جديدة, إلا وهي الاهتمام الحقيقي بالجنوب, فبعد المتغيرات السياسية الأخيرة, من ظهور داعش, والخلافات مع الإقليم, والوضع المبهم لكركوك, ودور تركيا المشبوه في محن اليوم, اوجب علينا كدولة إيجاد البديل, أي إن ننتج كامل طاقتنا من مكان أخر, فالبقاء من دون أفكار يعني انحسار قدرتنا الإنتاجية اليومية, مما يعني خسائر يومية بملايين الدولارات, كما حصل طيلة السنوات الماضية بسبب غياب الرؤية, فالرؤية للمستقبل هي سلاح اليوم, وهذا هو منطلق الأحلام. العمل على جعل محافظات الجنوب تنتج كامل حصتنا, يجعل سياسة الآخرين تتغير, فتركيا ستعيد النظر في وسائل ضغطها, إذا تفقد قدرتها على التأثير , فتتحول إلى مواقف اللين والقبول بشروط العراق, والكورد سيفهمون إن منافذهم لم تعد هي الحل الوحيد للتصدير, فتزول التشنجات, وداعش ستجد سياسات مختلفة فلن تجد من يشتري منها, فتفقد موردها الأهم, فانظر لحجم التغيير سياسياً. تطوير أبار ومصافي وموانئ الجنوب سينعش الاقتصاد, ويساعد في تخفيض البطالة, ويسهم في رقي المحافظات, نشد على يد الوزير, وندعوه إن يشرع في تطوير الجنوب, فهي الخطوة الأهم المرتقبة منه.