واضاف السيد عمار الحكيم بالملتقى الثقافي الاسبوعي الذي اقيم اليوم الاربعاء وفي احتفالية واسعة وبهيجة بذكرى ولادة الحوراء زينب {ع} وتحت شعار {زينب الحوراء "ع" صبر وإباء} " من صبر الحوراء زينب {ع} تستمد العراقيات الصابرات صبرهن ومن عبق هذه المناسبة الايمانية نعلن البراءة من كل من ظلم اهل البيت {ع} وتجاوز على الدين والمقدسات باسم الدين ... انها ثقافة السبي التي شوهت صورة الاسلام واختطفت المسلمين قبل ان تختطف غيرهم ... انه الارهاب السياسي باسم الدين والعقيدة ... وهو جهاد العدوان والاغتصاب والسبي والحرق والانحراف لتشوية جهاد الاسلام المحمدي الاصيل وجهاد الحرية والكرامة " .
وتابع السيد عمار الحكيم مخاطبا الحاضرين .. ايها الاخوة والاخوات ... ان " التحديات التي نواجهها اليوم انما هي عالمية قبل ان تكون اقليمية او عراقية ... انها معركة الاسلام الكبرى والانسانية جمعاء ومساحتها العالم بأسره وان كانت جبهة العراق هي العنوان والمرتكز ... ولم يكن اختيار العراق كواجهة لهذه المعركة عن طريق الصدفة !! ، انما هو العراق الذي كان دائما في قلب الاحداث والبوصلة الاكبر والاوضح في تحديد اتجاهاتها ... انها معركتنا الكبرى نخوضها اليوم دفاعا عن الاسلام وضد المنحرفين الذين اختطفوا الاسلام بسلوكهم المشين وفتاواهم المريضة ... وانها لشرسة وخطرة حيث يصعب فيها التمييز بين المنحرف عن قصد واصرار وبين المغرر بهم ... ويصعب فيها التمييز بين الاعداء والاصدقاء ... واحيانا يختلط فيها الاعداء مع الاصدقاء ... انه مخاض عسير هذا الذي تعاني منه الامة الاسلامية عموما ... وهو تحدٍ مصيري يواجه الدول الاسلامية من دون استثناء ... ولنا الشرف بأننا كنا من اوائل من تنبه لهذا الداء العقيدي الخبيث وحذرنا منه وواجهناه ... ودائما كان قادتنا وائمتنا ومنذ انطلاقات الاسلام في الخطوط الامامية للمواجهة من اجل حماية الإسلام الاصيل من الانحراف والتطرف والتدليس ... ولولا ارادة التحدي المحمدية والحكمة العلوية والهدنة الحسنية والثورة الحسينية والاستقامة الزينبية والعبادة السجادية والمعرفة الباقرية وهكذا ما تميز به ائمتنا واحدا تلو الآخر لضاع الإسلام بين محرف ومنحرف ومدلس ومدعٍ ... فكان ائمتنا يحولون التأريخ الاسلامي بتضحياتهم الى وقفات للمراجعة والتصحيح ... واليوم نحن نكمل المسيرة ونقع ضحية اولى لهذا الانحراف والتطرف والتشويه البشع للاسلام .... اليوم العراقيون النجباء باجسادهم الطاهرة لا يدافعون عن العراق وحده انما عن الاسلام كله والانسانية جمعاء ... فمنذ عشر سنوات وشعبنا ينزف دما طاهرا على يد الارهاب الاسود ... ومنذ عشر سنوات وبيوتنا تمتلئ بالايتام والارامل ... ومنذ عشر سنوات وشوارعنا تمزقها الاحزمة الناسفة التي يرتديها اراذل المجتمعات المريضة التي تُصدَّر للعراق باسم الجهاد المنحرف والفكر السرطاني الخبيث ... لقد استخدموا كافة انواع التضليل والتدليس كي يبرروا جرائمهم ولكن الله ابى الا ان يفضحهم على حقيقتهم .. وشاءت الارادة الإلهية ان تكون دماء العراقيين هي الوسيلة لفضحهم ... مثلما كانت دماء الامام الحسين {ع} واصحابه هي الوسيلة لفضح الانحراف الاموي البغيض ... ومثلما كانت مأساة الحوراء زينب {ع} وسبيها هو الوسيلة لكشف خسة من يدعي خلافة المسلمين ويحكم باسم رسالة النبي محمد {ص} وهو يسبي نساءه وذريته !!! .... هكذا اراد الله للعراقيين ان يكونوا قرابين تدافع عن المشروع الالهي على الارض في قبال المشروع الشيطاني الذي يمثله داعشهم وقاعدتهم وبوكو حرامهم وكافة اسمائهم المنحرفة الضالة ... لم تكن المسألة ابدا مشروعا سياسيا متلكئا او مشكلة طائفية عابرة !! ... ولم تكن المسألة ابدا صراعا على السلطة هنا وهناك .... انه مشروع ظلامي عنوانه الجهاد المزعوم باسم الاسلام وباطنه النيل منه واذلال المسلمين وتدمير مجتمعاتهم ومدنهم وانتهاك دولهم " .
واردف سماحته .. ايها الاخوة والاخوات ... ان " الارهاب الذي نتكلم عنه اليوم ونواجهه في ساحات القتال ليس سياسيا او دينيا او طائفيا او قوميا ... انما هو مشروع ارهابي ينخر جسد الامة الاسلامية من الداخل ويختطف ابناءها ، ومن يتصور انه صراع طائفي فهو واهم ومساهم في تنمية هذا المشروع الظلامي الارهابي من حيث لا يشعر ... فمن المغرب الى جنوب الفلبين مرورا بتونس وليبيا ومصر والاردن وسوريا والعراق والسعودية وصولا الى باكستان وافغانستان وماليزيا واندونيسيا .... على سعة الجغرافيا الاسلامية هناك بقع ارهابية متطرفة تتوحد باسم واحد وتعمل على تنفيذ مشروع واحد وهي مدعومة بقوة من قوى عالمية كبيرة ومنظمة ...!! انه من السذاجة ان نجزء الملف الارهابي في هذا المرحلة ونتعامل معه كدول وطوائف منفصلة ومتقاطعة مع بعضها البعض ... فخلافة الضلال اليوم في الموصل تجاور تركيا اكثر مما تجاور ايران ... وتتقاسم الحدود مع اقليم كردستان وسوريا وتغرس انيابها في قلب العراق ... فليس من المعقول ان نتعامل معها منفردين ونمنحها الوقت ؛ كي تجذر من تواجدها السرطاني الخبيث ... ان العقل والمنطق يدفعاننا للتعامل مع قضايانا ومشكلاتنا الداخلية الخاصة بطريقة واقعية وان نضع في حساباتنا المرحلة التي نعيشها والتحديات التي نواجهها ... اننا اليوم بأمس الحاجة الى بناء منظومة دفاع اقليمي مشترك وان نتجاوز الحساسيات الصغيرة والعابرة ... ونحن بأمس الحاجة الى تشكيل وحدات مكافحة ارهاب مشتركة ؛ لأن الارهاب الان هو التحدي المشترك بين دول المنطقة ... ونحن بأمس الحاجة الى عقد مؤتمر اسلامي اقليمي لوضع التصورات ومناقشة الآليات المطلوبة لمكافحة الارهاب واعادة بناء الثقة بين دول المنطقة ... ان الذي يحدث في العراق هو مجرد مرتكز ... وعنوان المشروع الارهابي يشمل المنطقة برمتها ومن دون استثناء ... وواهم من يتصور انه بمأمن من تيار الانحراف والتكفير ... وقد ان الاوان كي تدرج جرائم الارهاب على انها جرائم ضد الانسانية وان تثبت في المحافل الدولية بهذا العنوان ... فإن جرائم النازية لم تكن افظع من جرائم الارهاب الداعشي المريض ... كما نكرر دعوتنا باعتبار الوثيقة التأريخية التي اصدرتها المرجعية العليا بيانا لحقوق الانسان ووثيقة اسلامية للحقوق المدنية والسلم الاجتماعي في مناطق النزاع ... ان مرجعيتنا الرشيدة تدرك جيدا واجباتها الدينية والانسانية الكبرى ... وفي هذا الوقت العصيب الذي تشن الهجمات على الاسلام من كافة الاتجاهات ، فإن المرجعية العليا بوثيقتها التأريخية دافعت عن الاسلام وحمته من التشويه المتعمد مثلما دافعت عن الامة وحمت المجتمع من العدوان ... ولم يكن يتصور البعض ان يكون للمرجعية الدينية هذا الدور المهم والمحوري في هذه الظروف الصعبة ؛ لأنهم لم يطلعوا على تأريخ المرجعية ومواقفها العظيمة على مدار مئات السنين ... كما ان البعض كان يتصور اننا حين نعلن تمسكنا بالنهج المرجعي والامتثال لتعاليم المرجعية انما نقوم بذلك من باب التأثر العاطفي او الالتزام العقيدي والديني الصرف وهي اسباب اساسية في هذا الالتزام ... ولكننا نلتزم بتعليمات المرجعية ونهجها ايضا لقناعتنا الراسخة بأنها قادرة على تحديد اولويات الامة في الظروف الاستثنائية ... وتوجيه الامة وارشادها في الظروف الصعبة ... واليوم يشهد العالم بأن مرجعيتنا اصبحت صمام الامان في السلم الاجتماعي والتعايش بين المكونات ومحل الثقة الكبيرة لدى اغلب القوى العالمية والمؤسسات الدولية " .
واسترسل السيد عمار الحكيم .. ايها الاخوة والاخوات ... " الحكومة العراقية الجديدة اكملت ستة اشهر من عمرها وقد قامت بالكثير واتخذت خطوات شجاعة في اكثر من مجال ، والمهم انها اشاعت اجواء من الثقة والهدوء بين مختلف الاطراف على الرغم من وجود بعض المنغصات السياسية هنا او هناك ... ولكن مقارنة بالوضع غير الطبيعي الذي يعيشه الوطن فإن الجو السياسي الحالي يعد ايجابيا بصورة كبيرة ... ان بناء البيئة السياسية الصحيحة هو من اهم البناءات في هذه المرحلة ... واليوم نحن نعمل وبوتيرة متصاعدة من اجل تدعيم بيئة الثقة والتواصل بين مختلف الاطراف ... ولكن الطريق مازال طويلا وشاقا امام الحكومة للوصول الى بر الامان وهناك تلكؤا في بعض الملفات المهمة والحساسة ومنها الاستحواذ على المواقع الحكومية والاخلال بمبدأ التوازنات ، واستمرار سياسة التعيينات بالوكالة والتي مازالت تمثل عقبة حقيقية امام النهوض بالواقع الاقتصادي والخدمي للدولة ... كما ان الخطوات الحكومية نحو تفعيل اللامركزية مازالت متعثرة ولم تصل الى مرحلة التطبيق العملي الفعال ... ان احد اسباب التعثر الخدمي والإداري في الدولة العراقية هو اعداد القوانين التي تقيد اداء الحكومات المحلية وتداخل عملها مع بعض الوزارات الخدمية وعدم القدرة على تسريع الاجراءات الادارية محليا ، ومازال قانون ٢١ الذي يمنح صلاحيات واسعة للحكومات المحلية معطلا بسبب عدم حسم الحكومة لهذا القانون ، كما ندعو وزارة التعليم العالي والبحث العلملي الى التراجع عن قرار تخفيض رواتب الطلبة المبتعثين في الخارج ، فنحن ندرك عمق الازمة النقدية التي تواجهها الحكومة ولكن الاستثمار في العقول وتأمين الطاقات العلمية المطلوبة للمستقبل يمكن ان يستثنى من اي سياسات تقشفية ، سيما وان هذا الاجراء قد يحرم آلاف الطلبة من اكمال دراستهم ما قد يضيع كافة الجهود والانفاقات الحكومية الداعمة لهؤلاء الطلبة في سنين الدراسة السابقة ... وفي ملف العلاقة مع الاقليم فإننا نلحظ عودة التصعيد الإعلامي بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم ... وليعلم الجميع ان الصراع على النفط يجب ان لا يتحول الى صراع ارادات وليبق بحدوده الطبيعية في كونه صراع اجراءات ادارية وفنية !!! ... لانه متى ما تحول الى صراع ارادات فإن العلاقة ستدخل في نفق مظلم وسيكون من الصعب الخروج منه في هذه الظروف الحساسة التي تمر بها المنطقة والعراق ونكون قد قدمنا للارهاب والقوى التي تتصيد بالماء العكر هدية مجانية ... ولكني مطمئن ان في كردستان العزيزة قيادة حكيمة وتعرف جيدا كيف تحافظ على حقوق العراقيين جميعا وتفوت الفرصة على الذين يعتاشون على الاختلافات بين الاخوة ، ويعملون على تشجيعها كي تتحول الى صراعات ... كما اننا نثق بحكمة الحكومة في المركز وقدرتها على ايجاد الحلول للمشكلات الصعبة وايضا نثق بنيتها الصادقة على العمل بروحية الفريق مع حكومة اقليم كردستان وايجاد الحلول التي يتوافق معها الجميع وتمثل نقطة التقاء في المنتصف ... ان التماسك فيما بيننا في هذه المرحلة الحساسة يجب ان يكون اولوية قصوى ومشكلاتنا الداخلية مهما كانت صعبةً او معقدة يجب ان لا تمنعنا من النظر اليها على انها مشكلات داخل البيت الواحد وان لا تشغلنا عن مواجهة عدونا الحقيقي ... كما ان ملف المصالحة الوطنية يجب ان يبدأ من منطلق ان المصالحة الحقيقية تتحقق مع الذين يملكون الإرادة القوية والتمثيل الحقيقي ؛ كي تكون فعالة وفاعلة في انتاج علاقات مستقبلية سليمة بين مختلف الاطراف ... ان الشعب بصورة عامة لا يحتاج الى مصالحة مجتمعية بقدر حاجته الى مصالحة سياسية ... والتجربة المريرة اثبتت ان العراقيين جميعا وعلى اختلاف اعراقهم وطوائفهم يمثلون هدفا موحدا للارهاب والتكفير والظلامية ... وعنوان العراق الواحد الموحد سيكون هو الحقيقي الوحيد الذي يجمع العراقيين ويلبي طموحاتهم ، وما عداه فإنها مشاريع ناقصة وغير ناضجة ... واننا ندرك ان كلفة ابقاء العراق واحدا موحدا ستكون عالية ولكنه ثمن على العراقيين ان يدفعوه للحفاظ على وطنهم قويا وموحدا وبعيدا عن التمزق والتشرذم ... اننا اليوم امام خيارين لا ثالث لهما ، اما مشروع الدولة واما الفوضى !! ... وانا واثق ان الارهاب التكفيري الظلامي ومن يدعمه ويغذيه هم مع المشروع الاخير ، وكافة العراقيين بمختلف طوائفهم واعراقهم مع الاول على الرغم من كل المعاناة والالام ولوعات النزوح والتهجير والارهاب ... ان كلفة الحفاظ على الاوطان غالية وقدر العراق ان يكون عراقنا جميعا وسندفع وبكل فخر ثمن وحدته وعزته وسيادته واستقلاله وازدهاره مهما كان الثمن غاليا ولن نتوانى في ذلك بإذن الله تعالى " .
واستطرد سماحته " لقد تابعنا بأسف انباء محاكمة سماحة الشيخ علي السلمان الامين العام لحركة الوفاق واحد اهم رموز الاعتدال في مملكة البحرين الشقيقة وطبيعة القيود التي وضعت في المحكمة وحتى عدم السماح ببث الافلام الاصلية لاظهار حجم التلفيق في تلك المفبركة التي عدت دليلا للادانة ... اننا ومن موقع الاخوة العربية والاسلامية نعبر عن حرصنا الشديد على لحمة الشعب البحريني وامنه و استقراره وقلقنا البالغ من هذا المسار الذي يربك ويعطل كافة المشاريع الخيرة الداعية الى الاصلاح واحقاق الحقوق وتعزيز الامن والاستقرار في مملكة البحرين ، ونتمنى ان نشهد مراجعة جدية لهذه السياسات وعودة الوئام والتعايش السلمي بين ابناء الشعب البحريني الشقيق " .