وقال رجب طيب أردوغان في مقابلة مع قناة "٢٤" التلفزيونية يوم الأربعاء إن تواجدا مرتبطا بحزب العمال الكردستاني يمكن أن يعطي تركيا سببا للتدخل عسكريا في سورية، كما فعلت مرارا في شمال العراق منذ أن تراخت قبضة بغداد على تلك المنطقة في أعقاب حرب الخليج الأولي عام ١٩٩١.
وتضغط التطورات المستجدة في سورية على تركيا على عدة أصعدة. لكن المتغيرات التي تشهدها منطقة شمال سورية، حيث غالبيةٌ كردية، هي الأكثر حساسية، إذ بدأ يظهر ما بات يعرف بمشكلة شمال سورية، على غرار ما كان يعرف بمشكلة شمال العراق.
وإذا كانت مشكلة شمال العراق انتهت إلى فدرالية كردية، فإن الأتراك يخشون فعلا تطور الأوضاع في سورية، بحيث لا يقتصر الأمر على نيل الأكراد حكما ذاتيا في سورية في المرحلة المقبلة، أو حتى انفصالا، بل يمتد إلى احتمال تحول شمال سورية إلى جزء من كردستان الكبرى بعد أن يلتحق بكردستان العراق، في انتظار إلحاق جنوب شرق تركيا ومن بعدها كردستان إيران.
وخوفا من هذا الموضوع، سارع أردوغان في وقت سابق إلى ترؤس اجتماع أمني تم خلاله بحث أنشطة حزب العمال الكردستاني في سورية. وذكر مكتب أردوغان، في بيان، أن "التطورات الأخيرة في سورية وأنشطة المنظمة الإرهابية الانفصالية في بلادنا وفي الدول المجاورة تم تناولها خلال الاجتماع". وأضاف "تمت مناقشة الإجراءات الإضافية الواجب اتخاذها على كل الصعد فيما يتصل بأمننا القومي"، من دون توضيح هذه الإجراءات.
وذكرت وكالة "الاناضول" أن رئيس أركان الجيش التركي الجنرال نجدت أوزيل ووزراء الخارجية أحمد داود اوغلو والداخلية إدريس نعيم شاهين والدفاع عصمت يلماز ورئيس الاستخبارات حاقان فيدان شاركوا في الاجتماع الذي استمر أكثر من ساعتين.
وقال نائب رئيس الوزراء التركي بشير عطالاي للصحافيين عقب الاجتماع إن "تركيا لن تسمح بأي وجود مسلح قرب حدودها مع سورية لعناصر الحزب المصنف في تركيا كمنظمة إرهابية" مؤكدا أن "أنقرة لن تتسامح إطلاقا مع مثل هذه الخطوة".
ونفى صحة الأنباء عن انتشار لمسلحي الحزب الانفصالي في الجانب السوري قرب الحدود مع تركيا، وقال إن المعلومات المتوافرة تشير إلى رفع علم الحزب فقط على أحد المواقع القريبة من الحدود.
جاء هذا بعدما أطلق أردوغان يوم الاثنين الماضي تحذيرا شديدا إلى النظام السوري من رد تركي عنيف إذا استمر فيما اسماه بـ "السلوك العدائي السوري"، مشيرا إلى "التقارير الإخبارية التي تحدثت عن احتمال استخدام دمشق ورقة الحزب الانفصالي الكردستاني ضد تركيا".
وظهر أن الورقة الكردية يتم استخدامها على نطاق واسع، من كل الأطراف. فعناصر حزب العمال الكردستاني الذين يجدون غض نظر من الجانب السوري هم في موقع المسيطر على المدن والمناطق التي لا وجود للجيش السوري فيها، بل رفع الحزب أعلامه وأعلام "حزب الوحدة" الكردي التابع له في سورية على تلال مقابلة للحدود التركية، الأمر الذي استدعى من وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو توجيه طلب إلى الجيش السوري كي يعمل على إنزال هذه الأعلام.
يشار إلى أن حزب العمال الكردستاني مدرج على قوائم المنظمات الإرهابية في تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ويقاتل منذ أكثر من ٢٧ عاما من أجل تحقيق حكم ذاتي للأكراد، في صراع أودى بحياة أكثر من ٤٠ ألف شخص.