النقاش والخلاف بشان اختيار أعضاء المفوضية المستقلة للانتخابات على أشده والفقرة الأكثر جدلاَ عدد المفوضين المزمع تعينهم ،الفريق الأول يريد إبقاءهم على ما هم عليه تسعة أعضاء كل واحد منهم بدرجة وكيل وزير، والفريق الثاني يريد زيادته إلى خمسة عشر عضواً بذريعة تمثيل كل مكونات الشعب. الواضح إنها محاصصة مقيتة مهما حاولوا تزينها لخداع المواطنين الذين يعرفون إن انتخابات نزيهة وشفافة وعادلة تمثل أوسع فئات منهم تتطلب مفوضية انتخابات مستقلة بحق وحقيق ،يتم اختيار أعضائها من الذين تقدموا لشغل مناصبها على أساس الكفاءة والمقدرة والخبرة والاستقلالية عن الأحزاب ،وهي امور تدعيها القوى والكتل الحاكمة لفظاً وتمارس شيئاً أخر، كل طرف يحاول إيصال ممثله الى مجلس المفوضين ووكلائهم. متابعة الحوارات والجاذبات بشان الموضوع ليس على الصعيد المحلي ،وإنما المنظمة الدولية قلقة أيضا مما يجري ويرشح من خلف الكواليس والمساعي في إبرام صفقات في كل الأحوال تشكل خطراً على عمل المفوضية وتخل باستقلاليتها وتثلم من التجربة الديمقراطية مقدماً. كما يفسر البعض هذا التأخير والانحراف عن الآليات الصحيحة والديمقراطية في بناء مفوضية مستقلة للانتخابات بأنه مؤامرة لتأجيل الانتخابات لغايات وأهداف ومصالح فئوية ضيقة ،وربما حسب البعض انها لن تكون في موعدها إطلاقا للاستمرار بالتفرد والاستئثار بالسلطة في الحكومات المحلية لأطول فترة ممكنة . يحق للناخبين من الآن إذا ما تم تعيين أعضاء مجلس المفوضين على أساس المحاصصة التشكيك بنزاهتها وحياديتها والطعن في الانتخابات التي تجري تحت إشرافه ,لا يمكن لأي إنسان مهما كان يملك من حيادية ان لا يتعاطف مع انتمائه الحزبي ،ولا يجوز أن يكون خصما ًوحكماً في آن واحد في الديمقراطية الحقة. الخوف من زيادة العدد عن الحاجة قد يؤدي إلى عرف وتقليد لبناء الهيئات المستقلة وبقية مؤسسات الدولة الأخرى على أساس المكونات المذهبية والدينية والاثنية كقاعدة وإثقالها وبالتالي فشلها عن أداء دورها الوطني وفقاً لمبدأ المواطنة الذي هو الكفيل بتوحيد أبناء البلد وتمثيلهم على أحسن وجه.كما إن الأمر إذا تم تمريره فأن هدر المال العام والترهل في المناصب يشجع على الفساد ويربك الأداء الوظيفي .وقد لا نستغرب مطالبة إحدى المكونات بتمثيلها بالبرلمان خلافاً لصناديق الاقتراع ، إن الكتل تناقض نفسها ،فهي قبل أشهر دعت إلى ترشيق جهاز الدولة ومؤسساتها ،وفعلاً قلصت عدد الوزراء في مرحلة أولى ،وينتظر المواطنون مرحلة ثانية، يبدو لن ترى النور مع الصراع على المغانم والمكاسب وإرضاء الأفراد والأطراف وشراء ولائهم .فكيف بها اليوم تبذل جهودا محمومة لمضاعفة أعداد الدرجات الخاصة في مفوضية الانتخابات والهيئات المستقلة الأخرى . إن احد مبادئ الإدارة الناجحة والقليلة المشاكل والمنجزة لخدماتها أن تكون بعيدة عن الترهل وليس فيها وظائف من دون مهام .