مرت كما يمر قطار الحظ العاثر , الذي أنهى وقوده , وبقي يتأمل من نسق سرعته خيراً , على سكة قطعت بعض اجزائها , نتيجة فعل فاعل .
تسعٌ عجافٌ انصرمت , اخذة ٌ معها خيرة أبناء البلد من شباب وشيوخ ونساء وأطفال رضع , وشهرٌ بعد شهر وفصلٌ بعد فصل , وسنةٌ تلو سنة اخرى , والوضع لازال كما هو , ان لم يكن اسوأ من قبل بآلاف المرات , كل هذا وعجائزنا , لازلن يرددن عباراتهن المملوحة بين الفينة والفينة الأخرى ( الك الله يا عراق , كله تروح الك فدوة , تهون ما دامك سالم....!!)
تبخرت جميع تلك الأحلام التي راودتنا في بعض ليالينا الشتوية , والتي كنا نرى فيها العراق بعد ٢٠٠٣ , بلدا يسوده الأمن والأمان , ويعمه الحب والسلام , وتغمره الفرحة والوئام . بلدٌ فيه من تسخير الثروات والإفادة منها , ما يجعل شعبه سيد شعوب المنطقة , ونظامه من أرقى الأنظمة , التي تكفل لأفرادها جميع حقوقهم , من كرامة النفس واحترام الحريات والعيش الرغيد , وتوفير فرص العمل والسكن والعلاج والتعليم و.......الخ , وأرضه مضمارا يتسابق فيه المستثمرون , لإعادة أعماره وتأهيل بناه التحتية , التي انهارت خرسانتها طيلة الحكم الصدامي المقيت .
نعم تبخرت تلك الأحلام الوردية , وتبخر معها حاضر العراق كما هو ماضيه , بسبب بعض أصابعنا البنفسجية , التي أبت الا ان تكرر خطئها , لتضع العراق تحت طائلة حكم جديد , ربما لن يختلف عن سابقه , الا بصبغة إسلامية , وأقنعة ديمقراطية , وعباءة تعددية ذات شراكة وطنية مفتعلة....ذاك هو العهد و الحكم المالكي الجديد , الذي لم نجني منه سوى الدمار والخراب , والمناكفات السياسية , والصراعات السلطوية , والاختلافات المصلحية , ذات المردود السلبي على ابناء الشعب العراقي المسكين ..!
لقد جنح السيد المالكي ومن حوله الى استخدام آليات مشرعنة , مبطنة بأساليب دكتاتورية , لتعبئة الرأي العام , وتحشيده صوب شخصه وحزبه , فالضحك على الذقون بات هو السمة السائدة لكل خطوات الحكومة وأفعالها , التي ما برحت تضر بأبناء الشعب , دون علم منهم او دراية , وهذا ما ينذر بخطر كبير يهدد المشروع الوطني الديمقراطي ..!
ولعلنا نلامس الحقيقة , حينما نعمد الى إرجاح كفة هذه الأساليب المبطنة وخطورتها , على تلك الممارسات الدكتاتورية الصريحة التي لا تعدو ان تكون اساليبا مكشوفة أمام الجميع , فالأخيرة ربما تكون واضحة وضوح البدر في ليلة اكتماله ـ لدى الشعب والتي سرعان ما يضمر العداء لها ولشخوصها وروادها , لكن ان تتشدق بطرق ( ديموكتاتورية )ذات صبغة ديمقراطية مصطنعة , تستطيع من خلالها ايهام الجمهور وتصور له الحقيقة بطريقة معكوسة ـ هذا ما يبرر خوفنا وقلقلنا منها , ولو تمعنا النظر في بعض مواقف الحكم المالكي التي عاصرناها , سيتضح لنا اننا إزاء مرحلة خطيرة من المراحل التي مر بها العراق وشعبه , وسيمر بها لاحقا , وهنا اجد نفسي مضطرا لتحليل بعض المواقف بــ (لغة بسيطة جدا ) تحاكي تفكير اي مواطن بسيط من افراد الشعب العراقي , وربطها مع بعضها للخروج بنتيجة تطابق ما ذهبنا اليه في بداية الحديث , ومنها على سبيل المثال لا الحصر , مسالة موقف السيد المالكي وحزبه من أزلام النظام السابق , الذين ما انفكوا يسفكون الدم العراقي , دون رحمة تذكر , فقد صرح الأستاذ نوري المالكي , في اكثر من تجمع وتجمهر ولقاء وجلسات وعلى مختلف شاشات التلفاز : بانه سينتقم للشعب العراقي من قتلته , وسيعيد الحق لأبنائه , وانه سيحكم عراقا لا يوجد فيه مكانا لأراذل القوم (البعثيين) ....! هذا كله امام الشعب , والغاية منه وكما أسلفنا , هو تعبئة الرأي العام صوبه , اما الواقع فهو معكوس تماما , فمن يطلع على قيادات الجيش العراقي الذين تبوؤوا مناصبا بامر المالكي , وبعضهم ممن تمت إعادتهم بقرار منه , سيجدهم هم ذاتهم الذين كان يعتمد عليهم المقبور صدام حسين في النظام السابق , وكذا الحال في مكتب القائد العام للقوات المسلحة , الذي يعج بالقيادات البعثية , ناهيك عزيزي القارئ عن أكذوبة (المصالحة الوطنية ) التي خدع بها الناس , وهي لا تعدو ان تكون مكتبا للسمسرة بينه وبين شخوص النظام السابق , وهذا ما دفع احد قيادات حزب الدعوة وأقربهم الى المالكي , النائب (حسن السنيد) الى الاعتراض على سياسته التناقضية , التي يتبعها بأسلوب محترف , متهما اياه بأنه يسيء الى اسم وتاريخ حزب الدعوة ..! وان الأمر سينكشف امام الشعب , مهما تم التستر عليه , وبهذا سيفقد الحزب جمهوره وشعبيته ..! الا ان المالكي لم يعتد بهذا الكلام , ولم يابه به , بل توغل بعيدا في تناقضه الى حد الضغط على هيأة المسائلة والعدالة لرفع الاجتثاث عن المدعو (مشعان الجبوري ) واصفا إياه بقوله المشهور الذي سمعناه جميعنا من خلال عدة فضائيات تناقلته : ان الجبوري شخصية عراقية وطنية , نعتز بها ...!! إضافة الى تكرار إرسال الوفود السرية الى رجالات البعث المنحل , خارج العراق , من اجل عقد صفقات سياسية ذات منفعة شخصية تعود على الطرفين , أبرزها مع بعض قيادات سوريا واليمن , في وقت نراه يحرص على الظهور امام الملا بشخصية القائد الذي استطاع ان يقصي أزلام النظام المقبور وينتصر عليهم , ويسحقهم عن بكرة أبيهم....!!!
ولو استرسلنا بتحليل بعض المواقف , لنصل الى مسالة التعامل مع المنافسين له في العملية السياسية , وكيفية إقصائهم , سنجد انه قد خالف جميع الاطر والموازين , والآليات السليمة التي تسلكها اغلب أحزاب العالم , وكياناتهم السياسية , في التنافس الشريف , للوصول الى السلطة , وذلك من خلال اعتماد الية ماكرة تقضي بتوجيه ضربات متكررة لهم , لأتمت للنظم الديمقراطية بأدنى صلة , حيث استطاع ومن خلال انجذابه لتطبيق بعض الأجندة الخارجية ـ إقناع الطرف الإيراني , بضرورة التدخل المباشر , لفصل منظمة بدر عن تيار شهيد المحراب , ولحقها بكيانه , من خلال تحالفات مستقبلية , ربما تشعره بنشوة الانتصار على منافسيه , الذين لولاهم لانكسرت تلك العصا التي لازال يستند عليها , ولكي يشبع رغباته السلطوية , جنح الى ممارسة الاسلوب ذاته مع الجانب الصدري ,( الذي أزره في مواقف كثيرة) , من خلال الضغط على الطرف الايراني مرة اخرى ليتدخل وبصورة مباشرة , من اجل فصل عصائب أهل الحق عن التيار الصدري , وبهذا يكون قد امتلك ورقة ضغط عليهم , يستخدمها انى شاء ذلك ...!! لكن ما يعزز كلامنا أنف الذكر ,هو ان العصائب كانت العدو اللدود للعراق وشعبه , وإنها ميليشيات غير مرحب بها في العراق الجديد , وهذا ما جاء على لسانه في أكثر من موقف صرح به , فما الذي حصل يا ترى وما الذي تغير , كي يجعل المالكي يبدل رأيه بين ليلة وضحاها ويتحالف معهم....؟؟
لم يكتف السيد رئيس الوزراء بتمزيق الصف الشيعي , وتفتيت عضده , بل تعدى ذلك لاستخدام الطريقة عينها , مع الإدارة الأمريكية , لمنحه الضوء الأخضر , لممارسة لعبته المفضلة , مع الطرف السني , وممثليه في القائمة العراقية , فمن نوابها من استطاع ان يشتريه بأمواله , ومنهم من انحاز له خوفا من كشف بعض الملفات و......الخ كل هذا كي يجعل بعض سذج القوم تصطف لجانبه , ولكي يثبت قدرته على ذلك , لجأ الى تفجير قضية الهاشمي , وكشف ملفاته , التي كان يمتلكها منذ سنين (حسب قوله ) , ولا نعلم لماذا كان يتستر عليها , هل أرادها ورقة ضغط , يستخدمها في الوقت المناسب ..؟! اذا كان كذلك فأين نصرة المظلومين من أبناء الشعب , وحفظ دمهم , وصون كرامتهم , التي كانت عناوين لأغلب تصريحاته على شاشات التلفاز...؟! المهم انه نجح في هذا الشان , وحصل له ما تمناه , من تمزيق القائمة العراقية , الى مجاميع صغيرة ,منفردة ومختلفة فيما بينها , وجعل من أعداء الأمس اصد قاءا له ..! وسلمنا ( رغم شكنا ) بأنه رجل شجاع , وقد استطاع الانتقام لدم الأبرياء , الذين طالتهم كواتم الهاشمي , وعبواته ومفخخاته واغتيالاته , وغضضنا الطرف عن , التوقيت الذي اختاره , لتفجير هذه القنبلة , التي صاحبها مئات التفجيرات والاغتيالات وسفك الدماء التي هزت شوارع المحافظات العراقية , وراح ضحيتها , ألاف الأبرياء من أبناء بلدنا العزيز , وقلنا ( لا بأس ) فليذهب من يذهب , وليقتل من يقتل , المهم انتصار رجل المرحلة ومختار العصر الذي يمثلنا نحن الأكثرية في هذا البلد , على إياد علاوي والهاشمي ومن لف لفيفهما , وكان المسالة صراح شخصي ....!! والشعب المغلوب على أمره , هو ضحية هذا الصراع السلطوي..!! , والأدهى من ذلك ان بعض شرائح المجتمع تعتقد فعلا بمسميات الانتصار والغلبة والقيادة الفذة التي انزلها الله من السماء لنصرتهم....!! غير منتبهين الى الضحك على العقول , وإجادة العزف على وتر المظلومة الذي يسوق لهم يوميا...! كل هذه الأشياء لم نعتد بها , واتفقنا جدلا , على انها خطوة جيدة , استطاع من خلالها ان يكشف لنا إرهابيا خطيرا , كان يحتل منصبا رفيعا في الحكومة العراقية , وتأملنا خيرا باتجاه الوضع نحو سيادة القانون وفرضه على الجميع..
لكن اين ذهبت هذه السيادة وأين ذهب القانون , وخطورة الهاشمي وجرائمه التي لا تحصى , وضرورة الاقتصاص منه وإعدامه , واين ذهبت نصرة الدماء البريئة التي أراقها على طرقات بغداد وباقي المحافظات , واين ناصر المظلومين وقاهر المعتدين , من الموقف التناقضي الذي أقدم عليه ( ابو اسراء ) حينما تم ارسال وفد سري الى تركيا , لمقايضتها , والذي يطلب فيه الجانب العراقي , تغيير موقف تركيا من الوضع القائم في سوريا , مقابل حلحلة فضيحة الهاشمي بطرق التوائية , ومنحه الأمان من خلال إسقاط التهم الموجه اليه , وهذا ما ذكرته بعض التقارير السرية , التي كشفت رفض تركيا لقبول هذا العرض البخس......!! هذا يفسر لنا الاستهتار بدماء الشعب العراقي , وتضحياته , وزيف وكذب الادعاءات التي تصدر من هنا وهناك باهلية السيد نوري المالكي لقيادة الأمة العراقية في المرحلة القادمة , من خلال ولاية ثالثة تناط به ...! كما انه يكشف لنا مدى استعداده لتبديل مواقفه وتغييرها ليس بما تقتضيه مصلحة الشعب العراقي , بل بما تمليه عليه المصلحة الخاصة , المتأتية من تطبيق بعض الأجندة الخارجية ...!
ولو انتقلنا الى محطة أخرى من محطات الحكم المالكي , لنصل الى زوبعة ( انتصاره ) على الإرهاب , سنجد انه لم يرعوي , من إطلاق التصريحات الكاذبة امام الشعب المسكين , الذي يصدق ما يقوله ..! فقد سمعنا كما سمع الجميع كيف صرح بانتصاره على الجماعات الإرهابية , انتصارا ساحقا , وان الإرهاب يلفظ أنفاسه الأخيرة , وهذا بفضل حنكته وخبرة قياداته العسكرية , ولم يكتفِ بهذا فحسب , بل حلق بعيدا عندما صرح ذات مرة , بان بعض الدول قد استنجدت به (لما يمتلكه من خبرات ) كي يساعدها في دحر الارهاب الذي بدا يفتك ببلدانها....!! (العجيب في الامر انه وخاصته اعتادوا على اختزال النجاحات به وحده لا شريك له , وان الفشل و الإخفاقات بشتى أنواعها , ترمى على الآخرين وتبرر بان الحكومة مشترك فيها عدة مكونات سياسية وليس وحده فقط.....!!) وعودة الى انتصاره على الإرهاب , نلاحظ ان القدر يأبى الا ان يكشف زيف وكذب هذه الادعاءات المضحكة , فقد راينا جميعا الإستراتيجية الدقيقة التي تتبعها الجماعات الإرهابية , في عملياتها النوعية , داخل الأراضي العراقية , أخرها كانت حادثة سجن تكريت المخزية , والتفجيرات التي طالت جميع مدن العراق دون استثناء , والتي برهنت على ضعف المؤسسة الأمنية , والمنظومة العسكرية , التي يترأسها السيد المالكي بصفته القائد العام للقوات المسلحة , ورئيس الوزراء , ووزير الداخلية (وكالة ) ...!! وهذا دليل اخر على سياسة إيهام الرأي العام , التي يجيدها بحرفية كبيرة , وابتعاده عن مصارحة الشعب , والاعتراف بوجود الخلل والقصور والتقصير....!! ولو زدنا قطارنا وقودا , لينطلق الى إحدى اهم محطات الحكم المالكي التناقضي , ليصل الى ادعاءاته المتكررة , بنجاحه في تطبيق القانون (الذي جعله شعارا لكيانه ) وفرضه وسيادته , سيتضح لنا جليا , انه اسم على غير مسمى , أُريد به تظليل شرائح المجتمع , وترسيخ لقب (رجل القانون) في أذهانهم وسرائرهم , فالواقع الذي يتعامل به الأستاذ نوري كامل المالكي وكيانه السياسي , مختلف تماما عن الصورة البراقة التي رسمها لنا البعض عن عمد وقصد , وكي نعزز هذه الحقيقة , فإننا نسلط الضوء على مثال صغير من عشرات الأمثلة و التي تبرهن صحة ما ندعيه , ومثالنا هذا حول احد وزراء حزب الدعوة وائتلاف دولة القانون السيد فلاح السوداني , الذي ما وطأت قدماه وزارةً الا وأفلسها عن بكرة أبيها , أخرها كانت وزارة التجارة واختلاسه لمليارات الدنانير , وسرقتها من قوت أبناء البلد , ومن افواه أيتامه وأرامله , وأبنائه وعجائزه , ومقعديه ومعوقيه , حيث اثبت القضاء العراقي جميع التهم الموجه اليه واعتبره مجرما وسارقا , وقد تفاءلنا جميعا بحكم القضاء , واستبشرنا بنزاهته خيرا , لكن فرحتنا لم تدم طويلا , بسبب تدخل (رجل القانون) في قضية السوداني , من خلال ممارسة سلطته بطريقة او بأخرى , ليتم الإفراج عن وزير التجارة , بكفالة صورية , ويتم منحه في الوقت ذاته , فرصة الهروب الى الخارج , غير ابه بحقوق الشعب المهدورة , وغير مبال بما اقدم عليه احد وزراء حزبه , من سرقة في وضح النهار , ضاربا شعار القانون ودولته بعرض الحائط ....!! وهذه ممارسة تفسر لنا عدم تطابق الصورة الظاهرية التي نراها يوميا على شاشات التلفاز , مع الواقع الذي ينهجه , والطريق الذي يسلكه , وما تم ذكره حول مهزلة فلاح السوداني لهو مثال يتصاغر امام الكم الهائل من الأمثلة , التي مرت علينا , والتي كان بطلها دائما وابداً رئيس ائتلاف دولة القانون , الأستاذ نوري كامل المالكي ....!!! ومن اجل اكتمال الصورة , سأعمد الى الاستمرار بتتبع التراتبية التناقضية , التي هي من ابرز ملامح العهد المالكي , لأصل الى منعطف مهم , ربما اشرنا له بعجالة أثناء الحديث , والذي يجسد الاختلاف الحقيقي بين أقواله وأفعاله , حيث اعتاد رئيس الوزراء ان يمطرنا بوابل من التصريحات ذات الصدى العكسي , حول حكومة الشراكة الوطنية , وعدم تهميش جميع المكونات والكيانات السياسية , وان حكومته تمثل الجميع في صناعة القرار...! هذا ما سمعناه على لسانه ولسان أتباعه , اما الواقع فهو مختلف تماما , فقد اطبق (ابو اسراء) على جميع مفاصل الدولة الحساسة , وعض بأسنانه على حبائلها , منفردا بجميع قراراته , ومستحوذا على أركانها الأساسية ’ بإشرافه المباشر تارة , او عن طريق أتباعه الخاصين به , تارة أخرى , والذين يستلمون أوامره في الاجتماعات التي تعقد خلف الأبواب الموصدة , بل وصل الأمر الى تهمش حتى قيادات حزبه وعدم إشراكهم باتخاذ القرار او الاستماع لهم , مما دفع احد ابرز قيادات الدعوة , وأقدمهم تاريخا , الأستاذ علي الأديب (وزير التعليم العالي) لان يعترض على سياسته الانفرادية , التي بدأت رائحتها تزكم الأنوف , والتي تشكل نقطة سوداء تضاف الى نظائرها , في جبين حزب الدعوة , الأمر الذي جعل الخلاف بينهما يصل الى مستوى كبير, افرز عنه , تسريب بعض أجزائه الى وسائل الإعلام المختلفة , هذه الأمور وغيرها , لم تؤثر على السيد نوري المالكي , فقد اعتاد على عدم , الاهتمام باعتراضات المقربين والساندين والداعمين له , فضلا عن بقية الأحزاب والكتل السياسية المشاركة في الحكومة , والتحالف الوطني , والتي صرحت بهذا الأمر ألاف المرات , دون ان ترى اي استجابة ...! بل نراه هرول كثيرا حينما وصف كل من يعترض على سياسته وأدائه وقراراته , بأنه إرهابي , يروم إفشال العملية السياسية , ووضع القضيب في عجلة تقدمها , لاغيا بتصرفاته هذه المعارضة الايجابية والتقويم الصحيح وإسداء النصيحة , و..........الخ وقد نجح في تسويق مفهومه هذا , لأغلب شرائح المجتمع , التي بات تؤيد هذه الفكرة (الدنيئة ) وأخذت تتعاطف معه , وتنتقم ممن يعترض ولو بمقدار أنملة على سياسته الانفرادية , التي يتبعها في اغلب خطواته..........!!!
ناهيك عزيزي القارئ عن التلاعب بأموال الدولة , التي من المفترض , ان تكون من حصة الشعب الذي بات يستجدي قوته , من تقاطع الطرقات , وعلى أبواب العطارين , ويجوب الشوارع المزدحمة , عله يحصل على ما يسد به جوعه , ويكسي به نفسه , حيث أقدم رئيس الحكومة على لعبة معيبة , حينما أسس ما يسمى (مجالس الإسناد ) ولا نعلم هنا ما المقصود بالإسناد ..هل هو تداخل الصلاحيات مع صلاحيات المحافظة وقواها العسكرية ....؟ ام انه سلطة ثانية , تضاف الى التسلسل الهرمي للمحافظة ....؟ او لعله شراء ذمم العشائر وشويخها , برواتب تجتزئ من ميزانية الدولة .......؟!
ولعل الخيار الأخير , هو الأرجح , والأقرب الى التفسير المنطقي , حيث نرى عدم وجود اي ضرورة , لمجالس الإسناد , خاصة في المحافظات الوسطى والجنوبية , والكلام هنا يدور حول مجالس الإسناد وليس (الصحوات ) .
ولو تتبعنا هذا الامر وتمحصناه قليلا , سنجد ان المالكي عمد الى إنشاء وإيجاد مكاتب وفروع لهذه المجالس في كل قضاء وناحية وقصبة , لــ ٩ محافظات , لا تحتاج إطلاقا لهذا الشيء (لعدم جدواه) , مدعيا إنها تساهم في إسناد الحكومات المحلية في بسط الأمن والأمان , مانحا في الوقت ذاته الحق لنفسه بصرف مليارات الدنانير , شهريا , كرواتب لمسؤوليها (مجالس الإسناد) وموظفيها , فضلا عن الهدايا التي تغدق عليهم بين فترة وأخرى , كمكرمة (من الرئيس) .......!!
والواقع ينبئنا , انها لا تعدو ان تكون مجالسا , لإسناد حزب الدعوة بشكل عام والمالكي بشكل خاص , في الانتخابات البرلمانية وانتخابات مجالس المحافظات , والمجالس البلدية في الاقضية والنواحي , وبإمكانك عزيزي القارئ ان تسلط الضوء على مكتب مجلس الإسناد الموجود في منطقتك لتستبين حقيقة الأمر , هنا نطرح السؤال المهم ...كيف سمح السيد المالكي , لنفسه , وهو رجل القانون ان يمول مؤسسة تصب , في خدمة حزبه , بأموال الدولة التي هي حقٌ , للشاب غير المتزوج , والأرملة التي ثكلت بزوجها و اليتيم الذي فقد والده , والكبير المقعد , والمريض الذي لا يجد مالا , يعالج به نفسه , والخريج العاطل عن العمل ووو.........الخ , هل يتم صون الأمانة بهذه الطريقة يا مختار العصر وحسينيَ الزمان ......؟؟
أضف أخي القارئ إلى سلسلة التناقضات , والاستهزاء بعقول الآخرين , وخلق الصورة الضبابية أمام الشعب العراقي المسكين ـ مسالة تسليح الجيش العراقي , التي اعتبرها حاكمنا ورئيس وزرائنا , انها نصرا عظيما , وتقدما كبيرا , وانجازا رائعا , , تحقق على يده وفي عهده ......!!!!
ولكي نثبت صحة رؤيتنا , أنفة الذكر, فإننا نتطرق على عجالة الى حقيقة من عشرات الحقائق التي تخص التسليح الفاشل للجيش العراقي , نصل من خلالها الى زيف وكذب جميع هذه الادعاءات , فبالاطلاع على أسرار تجهيز العراق بطائرات ( اف ١٦ ) , سنجد إننا أمام مهزلة كوميدية , بطلها الحكومة العراقية , التي قبلت ان توقع على استلام طائرتين من مجموعة طائرات تم التعاقد عليها , من نوع (اف ١٦ ) غير مجهزتين , بعتادهما وسلاحهما الخاص ...!!! إضافة الى اشتراط الجانب الأمريكي بتعهد الحكومة العراقية التي يمثلها السيد نوري كامل , بعدم استخدام هاتين الطائرتين , الا من قبل طيارين , أكراد او سنة ..........!! ولا يسمح لاي شيعي بقيادتها ....! وقد قبل رئيس وزرائنا بهذه الشروط دون اعتراض ....! هنا لابد من إثارة سؤال : هل تم صرف ملايين الدولارات ان لم تكن مليارات , من اجل طائرات (خلب ) لا تصلح إلا ان توضع في المتحف البغدادي , لالتقاط الصور التذكارية جنبها .....؟ وهل يعتبر هذا انجازا يتفاخر به (ابو اسراء ) أمام شعبه , ويصور لهم ان العراق سيكتسح دول المنطقة بقوة جيشه ورصانة أسلحته ..؟؟؟؟
أسئلةٌ وأستفهاماتٌ كثيرة , نتمنى ان تكون حاضرة في عقلية المواطن العراقي الواعي , كي لا يسمح لاي احد , مهما كان , ان يستهين به , ويكذب عليه , ويقلل من شانه , فقد طفح الكيل , وبلغ السيل الزبى , وان الأوان , لان يعرف المواطن , أهم سمات الحكم المالكي الذي عاصرناه طيلة السنوات المنصرمة , والتي كان (المواطن ) سببا في إيجاده من خلال اختياره , وضحيته في نفس الوقت . ولعلنا لم نغترف , في معرض حديثنا المنصرم , الا قطرة من بحرٍ مليء بالتناقضات , والازدواجية في التعامل , وهذا ما يجعلنا نلجأ الى إكمال سلسلة كشف الكذب والزيف والبهتان , ربما في مقالات قادمة , كي نستوفيها , شريطة ان يبعدنا الله , من المادة (٤) إرهاب , وعدم اتهامنا بها.......!!!!!
كرار محبوبة
هل لاحظت ان كلمات المقال تجاوزت ال٣١٠٠ كلمة ؟ بغض النظر عن مافية من جمل ولغة رائعة الا انه من الفن ان تختزل افكارك في سطور . فان مقالك كماً يساوي ١٠ مقالات او اقل بقليل . اما نوعاً فهو مقال واحد
اتمنى ان اكون متحمسا للقراءة لك وان تعصر رحيق افكارك . فلو كنت صحفيا ورقيا لاحتجت الى صفحة وليس الى عمود