في مطلع الألفينية الثانية وبعد ان اختلط حابل الثقافة مع نابل السياسة شهدت محافل الوعي والادراك طلاقاً خلعيا بين كليهما ،فهما زوادتين يتزود منها انسان الالفينية الثانية !!السياسة غزوا هولاكية قد تشذبه االوسائل والغايات الايجابية احيانا وقد تضرسه النوايا والاحداث السلبية احاين اخرى، والثقافة نهجا تنويرا يجري ويصب في اودية المعرفة والمعرفة حصرا، لكن الحق يقال عن بعض محاولات اثمرت نكاحا شرعيا بين السياسة والثقافة!!الا ان هذا النكاح سرعان مايتفشل وينتكس حين تتعارض قوامة كل منهما على الاخرى .
الملفت للاذهان ان من يبدأ سياسيا لن ينتهي مثقفا والعكس صحيح!!بمعنى ان المثقف والسياسي لا يمكن ان يكونا وجهان لعملة واحدة ، فطريق كل منهما يتوازى مع الاخر ولن يلتقيا في نقطة واحدة (إلا اذا) هذه ال(إلا اذا) تتضمن مؤهلات معينية قد تتوفر في بعض الذوات السياسية المثقفة او المثقفة السياسية في فترات زمنية ثم تختفي وقد تسطع في محافل معينة ثم تأفل.
لنصف عقد مضى يشهد الوسط الثقافي السياسي محفلا منتظما متسلسلا في ثابت زمان ومكان تجتمع الثقافة والسياسة فيه على منصة واحدة وتنطلق من فم موحد يخاطب شرائح متنوعة ويعالج قضايا متعددة ويخرج بنتائج مرضية يتلقفها المثقف كما يتقبلها السياسي !!حتى أصبح هذا المحفل- ظاهرة ثقافية سياسية وسياسية ثقافية على مسافة واحدة من كلا المتوازيين.
المحفل هو الملتقى الثقافي ، زمانه يوم الاربعاء من كل اسبوع، ومكانه مكتب السيد عمار الحكيم رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي ، اما مايتناول في هذا الملتقى فهو كل ما يمس المواطن من قضايا سياسية ودينية وثقافية ، توضع هذه القضايا على منصة الملتقى ويبدأ تشريحها بمشرط وعي وإدراك لكل ما يجول في واقع الحوادث والأحداث.
قد يبدو الامر ضمن حدود المتعارف والمعهود ضمن حدود الطرح والتنوع ، الا ان ما يبدو مغايرا لذلك هو الالتفاف الجماهيري حول هذا الملتقى !!فمن يتابع الملتقى يجد شرائح متنوعة تتابع ما يشخص وتفرح بما يعالج، وتنتظر ما يؤخذ به، ان من يبحث عن السر المختبئ خلف هذا الالتفاف يجد خطيبا واعيا جادا ، ومخاطبا محتاجا تائها ، كما يلمس خطابا واقعيا دقيقا بلغة علمية سلسة واضحة مفهومة،ولن يفتقد نتائج طيبة تحققها متابعة حثيثة يتولاها القائم على هذا الملتقى.
الامر الذي يطرح نفسه تساؤلا مشروعة في خاتمة هذه الاسطر هل تحقق مؤخرا ما طال انتظاره في واقع الحياة العربية من تناكح ابدي بين السياسة والثقافة بعد ان وجدتا عين راجحة ترعاهما وتؤسس لملتقى ثقافي لا افتراق من بعده .