إعتادت الشعوب العربية منذ زمن بعيد لحكم الانظمة الثورية التي جاءت بالانقلابات العسكرية لتتحول فيما بعد الى انظمة دكتاتورية استبدادية شمولية تتوارث الحكم بالحديد والنار وأغتصاب السلطة من نخبة تعمل لمصالحها واضعةّ لنفسها الشرعية وتأييد الشعب من خلال افتراض التأييد الشعبي بأليات تعملها في اختراعتها كالاستفتاءات وحشد التظاهرات التي تفتدي الحاكم بالروح والدم متوهمة وموهمة الشعوب الأخرى بتلك الشرعية المفترضة لتطمس افواه براكين شعوب تغلي بالترهيب والقمع والابادة الجماعية , الاّ ان الارادة العالمية لكبار الدول اطلقت العنان واعطت للبعض الضوء الاخضر لقيام الربيع العربي لإشغال القوى الأسلامية المتطرفة للتحرك في محيطها وأجواء تسمح لتمرير مشاريعها والتفاعل معها فوصلت الى السلطة قوى مستغلة غفلة الشعوب وفراغ السلطة وعدم وجود التنظيم لحركات الشباب المتحمسين نحو القضايا الموحدة للأمم وحرية الفكر ومثلما وصلت حكومات الدكتاتوريات الى السلطة بأسم الشعب سعت تلك القوى الى مصادرة الثورات والتغيير , ومعركة غزة اليوم اختبار لموازين القوى والولاءات لأحتمالات تغيير خارطة التحالفات التي يخاف عليها من تأثير ضغط الشعوب التي اسقطت اولئك الحكام وتختلف عن نظريات الشعوب السابقة التي خضعت لأفعال الحكام من ادلجة فكرية لهم بفعل ادوات تلك الانظمة , واليوم الحكومات العربية لم تبدي اي اهمية لما يحدث في غزة منشغلة بخلافات وصراعات داخلية وخارجية تصب في مصالحها الخاصة بعيدة عن مصالح الأمة , فقطر مثلاّ دعمت قبل فترة بناء مدارس في غزة ولا فائدة من دعم يأتي بعده الرضا من تهديم تلك المدارس والعدوان على غزة وفي نفس الوقت تدعم المعارضة السورية والقوى المتطرفة في مصر وليبيا وتونس ومعها الحكومة السعودية التي صمت ملكها بحجة المرض والخلافات الداخلية في العائلة مع الاستمرار بدعم التطرف وأما الحكومة الليبية فقد دعمت المجلس الوطني السوري بمبلغ ٢٠٠ مليون دولار وذاك محمد مرسي ذو الخلفية الاسلامية نراه في التخبط السياسي والدبلوماسي وكأنه رئيس لمجموعة وليس رئيس لدولة كبيرة لها اهميتها وخطاباته في الامم المتحدة وقمة عدم الانحياز واضحة التوجه فقد خرج من الاعراف الدبلوماسية وانتهج ذلك النهج الطائفي المقيت ولم يكن منعكس لمواقف شعبه المؤيدة للقضية الفلسطينية والحكومة التونسية والمغربية وغيرها لم تظهر منها سوى بيانات خجولة خوفاّ من زج نفسها في التهلكة والمحافظة على مكاسب الكراسي من خلال طأطأة الرؤوس وتحريك الأذناب لأمريكا وأسرائيل , الحكومة العراقية وبأعتبارها رئيسة دورة الجامعة العربية لم يظهر منها اي موقف رسمي لتعيد دورها الحقيقي في المنطقة وعن قضية يعتبرها العراقيون قضية اساسية فلم تحرك ساكناّ في الجامعة التي يعتقد انها لا تزال تعيش نفس الكلاسيكية في صعوبة عقد الاجتماعات ومجرد البيانات عكس دولة قطر التي تتحرك بشكل طائفي من ترأس الوزراء العرب وحشد الجهود لدعم المعارضة السورية العلني , الحكومات العربية اليوم بحاجة الى مواقف حازمة ودعم مادي معنوي لتصحيح توجهاتها لتكون ممثلة لشعوبها وإن الحكومات التي يعتقدون انها قوية فإن الشعوب قادرة على ان تزيحها وعلى الحكام ان يدركوا ان المصالح المشتركة والانسانية تتطلب مواقف لصالح الشعوب وأكبر من الخلافات والمصالح الخاصة وغزة والقدس اهم اولويات الشعوب المسلمة والحكام لا يزالون يمارسون سياسة ترك الشعوب تتظاهر وهم في سبات يتفرجون ..