والشعب العراقي وخاصة ممن اكتوى بنيران هذه الحروب الداخلية والخارجية التي افتعلها نظام البعث الصدامي يعلم جيدا ماذا تعني الحرب وماذا يختزن في ذاكرته المتعبة من صور مأساوية للدمار والخراب والموت وبالذات الفترة التي اعقبت الحرب مع الاخوة الكرد مطلع سبعينات القرن الماضي مرورا بحرب الثمان سنوات مع الجارة ايران وما تبعها من اعتداء على الجارة الشقيقة الكويت وما اعقبها من تجييش الجيوش الاممية لاخراج العراق من الكويت وحتى عام ٢٠٠٣ ولم تنتهي حكاية القتل والدمار الى هذا الحد لان ايتام النظام البائد ومريدي الفكر الارهابي الوهابي المتطرف واصلوا مسلسل استهداف ابناء الشعب العراقي .
ومن واقع المأسي والحروب التي تعرض لها ابناء الشعب العراقي وتسببت باوجاعه واحزانه وارجاعه قرونا الى الخلف كان يفترض بمن يتصدى لتحمل المسؤولية ان يعمل بجد واجتهداد على محو كل اثار الحروب والدمار وان يسعى جاهدا للمساهمة بافراغ كل رواسب الخوف والقلق والموت من عقلية العراقي المتعبة بالهموم واليتم والعوق والفقر والعوز لا ان يجعلها رهينة للانكسار والتحفيز والعودة الى حافة الانهيار من جديد مستغلا حالة الرجوع العكسي للعقلية العراقية ومستغلا رواسب الماضي محفزا لايقاظ جذوة العداء ليس من اجل كسب المعركة بل من اجل كسب اصوات الناخبين بعد ان عجز عن تقديم الخدمات الضرورية التي تليق بالانسان.
ان ما يجري اليوم من تصعيد بين المركز والاقليم وقرع طبول الحرب من قبل هذا الطرف او ذاك لاسباب يمكن حلها ومعالجتها اما من خلال الدستور او من خلال الرجوع الى التوافقات او من خلال تدخل الاطراف الخيرة والمرجعيات الدينية امر غير مقبول ومرفوض لان الدم العراقي خط احمر ولا يمكن لاي طرف سفكه او اباحة حرمته .
ان ثمن قرع طبول الحرب المنظوره من قبل المركز هو الحصول على تعاطف الناخبين خاصة ممن يعيش في عقلية العصور الوسطى وابناء المناطق المتنازع عليها وهو ثمن قد يقبضه ابناء المركز وقد يتبخر امام كثرة المشاكل وفطنة الجمهور اما ثمنه المنظور للاقليم والذي تم قبضه هو التوحد اما التحديات والانقسام والتفكك وهذا هو المراد وما ياتي بعد ذلك فهو زيادة في محصول البيدر.