الائتلاف الوطني ليس هو التحالف الوطني ..فالأول تشكل قبل الثاني بجهد كبير من الراحل عزيز العراق (رض) وهو في اشد حالات مرضه ومحنته وكان الدافع لذلك الجهد الامتثال لأمر المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف وتوحيد الصف والكلمة مقابل التحديات والمخاطر التي تواجه التجربة الديمقراطية الفتية ،ويتكون الائتلاف الوطني من المجلس الأعلى الإسلامي العراقي والتيار الصدري وحزب الفضيلة وتيار الإصلاح وحزب المؤتمر ومكونات وأطراف سياسية أخرى اما التحالف الوطني الذي تكون من الائتلاف الوطني ومن قائمة دولة القانون فقد جاء تلبية لحاجة أملتها ظروف مرحلية وقرار المحكمة الاتحادية من اجل تشكيل الكتلة النيابية الأكبر والتي تحملت مسؤولية تشكيل حكومة الشراكة الوطنية التي ترأسها السيد المالكي للمرة الثانية على التوالي باستثناء المجلس الأعلى الإسلامي العراقي الذي رفض المشاركة بهذه الحكومة لأسباب موضوعية أثبتت الأيام صواب رؤيتها وصحة مدعياتها.
وللحقيقة فان الائتلاف الوطني دخل في غيبوبة طويلة منذ اللحظة التي تخلى فيها عن هويته وبرنامجه الانتخابي ومنذ اللحظة التي قرر فيها إنزال النكبة بالمجلس الاعلى وخذلانه بعد ان استفادوا من اصواته لصالح مرشحيهم وخاصة كتلة الاحرار وحزب الفضيلة وقرروا الركوب في سفينة المالكي ومنحه مقود القيادة مقابل امتيازات وتنازلات وصفقات لم تنتج غير الخراب والتخلف والانكسار في وقت كان الجميع يعول على دور الائتلاف وقدرته خاصة وان مكوناته هي من تتحكم بحركة الشارع وضغطه وخاصة المجلس الاعلى والتيار الصدري.
ورغم حصول الائتلاف الوطني على رئاسة التحالف الوطني والتي تعتبر نكسة اخرى للمجلس الاعلى صاحب الاصوات الاعلى في الائتلاف الوطني لصالح صاحب المقعد الواحد السيد ابراهيم الجعفري بمساعدة حلفاءه الا ان هذه الميزة لم يتمكن الائتلاف من استثمارها لصالح تصحيح مسار الحكومة وتشخيص الاخطاء ومعالجة الازمات والوقوف بوجه التفرد فضاع الائتلاف الوطني بين ضياع الجعفري وتبعيته لراس الحكومة وضعفه واعتزال المجلس الاعلى وانفراده برؤيته الوطنية الاصلاحية المخالفة لكثير من توجهات الحكومة والسلطة التنفيذية وكذلك بسبب عدم وضوح رؤية كتلة الاحرار وجريهم خلف مصالح حزبية وشخصية ضيقه لم ينجح السيد الصدر في معالجتها معالجة حقيقية رغم ادراكه لخطيئة التحالف مع دولة القانون ومحاولاته في اكثر من مرة نزع يده من مسكة المالكي التسلطية.
اليوم يعود الائتلاف الوطني من جديد من بوابة غرق بغداد وأزمة حماية العيساوي وتهجم الخنزير احمد العلواني على الأكثرية من ابناء الشعب العراقي من اجل قول كلمته ومعاودة ظهوره ليكون فاعلا في مرحلة خطرة يمكن ان تعيد له شيئا من كبريائه وتسجل له موقف مشرفا امام ابناء الشعب العراقي بوقف التداعي وتصحيح المسار ومعالجة الاخطاء وتقديم الخدمات الضرورية التي يحتاجها ابناء الشعب العراقي.
اعتقد ان الوقت تأخر كثيرا على الائتلاف الوطني ليعود الى الواجهة لاسباب منها ان قرار التصحيح ومعالجة الاخطاء ليس بيده وثانيا ان النوايا والاهداف ليست خالصة والا لو كانت خالصة لما ذهب معظم اطراف الائتلاف مع المالكي وخذلوا المجلس الاعلى قبل ان يتفقوا فيما بينهم على قرار موحد والشيء الاخير ان تحالفات مجالس المحافظات لم تبقي من الائتلاف الوطني شيئا ابدا.
اتمنى ان اكون مخطئا في اعتقادي ويعود الائتلاف الوطني كقوة دفع اساسية في الساحة السياسية باتجاه التوحد وحلحة الازمات المتكررة والوقوف بوجه التفرد والمساهمة في تقويم الجهاز القضائي والتشريعي والسعي للقضاء على الفساد وتقديم الخدمات عل بغداد تتخلص من بحيراتها ونهرانها بعد ان فشلت الحكومة المحلية والمركزية وامانة بغداد ووزارة الدفاع في هذا المسعى.