كنا كما يصنفنا الكاتب الفرنسي المعروف روجيه او رجا غارودي (بعد اسلامه) امة موسوعية تمتلك حافظة معرفية واسعة اختزنتها عبر الاجيال.. فراكمت المنجزات وسجلت الاخطاء فاستطاعت ان تتقدم العالم. اما اليوم فنحن امة ضعيفة الذاكرة والحصانات.. نكرر الاخطاء ولا نراكم النجاحات، ونفشل في استحضار التجارب الناجحة او الفاشلة للاخرين.. لهذا نخدع انفسنا ويسهل خداعنا.. فمع كل عهد جديد ندمر بعض ما انجزه من سبقنا.. ونكرر الانحرافات التي قادته للهاوية.. وكأن شعبنا مجرد اوراق تلفها اسطوانة الالة الكاتبة، بعد ان تعصب عيونها بشريط اسود، لتنهال عليها احرف البيانات الكاذبة ضرباً، لتسحب من رأسها بعصبية.. ولتكبب وترمى في سلة المهملات مع زميلاتها السابقات.
لننظر لعراقنا.. كم بذلنا من التضحيات في الاموال والنفوس لتحقيق الاستقلال، ولمقاومة الظلم والاستبداد، ولاعمار البلاد، والارتقاء بشعبنا لمصاف الامم الراقية. فبدل ان نجعل مدننا اجمل.. ومدارسنا ارقى.. ومصحاتنا افضل.. ومعاملنا ومزارعنا وبنانا من حال لحال احسن.. وحرياتنا وحقوقنا ومؤسساتنا وقضائنا ووحدتنا من وضع لوضع افضل.. نرانا نتأخر.. والعالم، ومن حولنا يتقدم، رغم قدراتنا وامكانياتنا. فالقتل والارهاب يسرق اخواننا واخواتنا.... وسجوننا مملؤة.. والبطالة مستشرية.. والفساد يزكم الانوف.. والخدمات معطلة.. ونعد ثم ننسى وعودنا، ولا نُطالب بالايفاء بها.. والازمات لا تحل الا بازمات اكبر.. وما زلنا تحت احكام الفصل السابع.. وصداقاتنا لا تنظمها مصالح ومضامين ثابتة، بل اساسها العداوات.. فنحن اصدقاء السعودية ضد ايران، واصدقاء ايران ضد السعودية، وقس على ذلك.. متناسين –كحكام وشعوب- ان الذين سبقونا كرروا نفس السياسات، وبرروا فشلهم بالمؤامرات الداخلية والخارجية، من شركاء الوطن ومن دول الجوار والعالم.. دون تحميل انفسنا اية مسؤولية.. بل دون ان تضع ذاكرتنا خطوطاً حمراء، تمنعنا من تكرار الاخطاء والانحرافات.. وتسمح بمراكمة المكاسب والنجاحات.