هكذا علق خبير عراقي في الشؤون الامنية والاستخباراتية حول رؤيته لسلسلة العمليات الارهابية الاخيرة التي ضربت مدن كركوك وبغداد وكربلاء وصلاح الدين والموصل، واستهدفت شخصيات سياسية وعشائرية في الرمادي والموصل.
وقد اسفرت التفجيرات الارهابية في يومي الاربعاء والخميس الماضيين في المدن المذكورة والتي تركزت على مقرات حزبية وتجمعات مدنية ودوريات عسكرية، من بينها مجمعا للحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني في كركوك، عن سقوط مايزيد على ثلاثمائة شخص بين شهيد وجريح، ولعل التفجيرات الاكثر دموية كانت في كركوك وكربلاء، والتي عكست في جانب منها عمق الازمة السياسية في البلاد، وفي جانب اخر عكست قدرة الجماعات الارهابية على تحقيق اختراقات في بنية الاجهزة الامنية والعسكرية وبالتالي الوصول الى مناطق واماكن تعتبر امنة ومؤمنة، كما هو الحال مع تفجيرات كربلاء التي وقع البعض منها في شارع ميثم التمار قرب مرقدي الامامين الحسين والعباس عليهما السلام.
واضافة الى العمليات الارهابية التي حصدت ارواح عشرات الاشخاص، فأن عمليات ارهابية اخرى تزامنت معها استهدفت شخصيات سياسية وعشائرية، ففي مساء يوم الاثنين قبل الماضي اغتيل النائب عن القائمة العراقية عيفان العيساوي بأنفجار عبوة ناسفة على موكبه في مدينة الفلوجة التي تشهد منذ عدة اسابيع تظاهرات احتجاجية ضد الحكومة، وقبل يوم واحد هاجمت مجموعة مسلحة شيخ عشيرة الجبور غرب مدينة الموصل محمد طاهر العبد ربه، علما ان الاخير كان يترأس تنظيما سياسيا وقد اعلن ترشحه لانتخابات مجالس المحافظات المزمع اجراؤها في العشرين من شهر نيسان-ابريل المقبل، وهو من الداعمين لمطاليب المتظاهرين والداعين بقوة الى الغاء قانون المساءلة والعدالة، وكذلك تعرض النائب في القائمة العراقية عن مدينة بابل(الحلة) اسكندر وتوت الى محاولة اغتيال بعبوة ناسفة زرعت في مكتبه الخاص بالمدينة.
ولاشك ان القراءة الاجمالية العامة لهذه التداعيات الامنية لايمكن بأي حال من الاحوال ان تبتعد عن عما يجري من حراك خطير ومقلق لم يعد مقتصرا على الاروقة والكواليس السياسية، وانما امتد الى الشارع ليفتح الابواب على كل الاحتمالات والخيارات السيئة، وهذا هو مادفع المرجعية الدينية الى الدخول المباشر على خط الازمة من اجل احتوائها وتطويقها. وكيل المرجعية الدينية وامام جمعة كربلاء المقدسة السيد احمد الصافي حذر من خطورة الاوضاع في البلاد، قائلا "ان يد الارهاب مازالت تطال الابرياء من هذا الشعب سواء في استهداف بعض النواب او بعض التجمعات او بعض الأبرياء في مناطق متعددة في البلاد كالفلوجة وكركوك وصلاح الدين وكربلاء وبابل وبعض مناطق بغداد، وانه يجب ان يعي الجميع خطورة هذه الاوضاع بالنسبة للبلد، ولابد من التعامل معها بجدية حقيقية وبمعالجات جذرية، حيث ان هذه العمليات قطعا تريد تدفع بالبلاد الى اتجاهات لا يحمد عقباها".
في ذات الوقت عبر مارتن كوبلر ممثل الامين العام للامم المتحدة في العراق عن قلقه حيال مايجري بالقول "ان ما يقلقني بنحو خاص هو أن شن الهجمات في المناطق المتنازع عليها سيزيد من حدة التوترات هناك، وعلى جميع القادة العراقيين الارتقاء إلى مستوى مسؤولياتهم والعمل دون تأخير من أجل تهدئة الوضع والانخراط في حوار سلمي"، بينما اتهم نائب رئيس مجلس النواب العراقي والقيادي في حزب البارزاني عارف طيفور من وصفهم ببقايا فلول القاعدة والبعث بالعبث بامن البلاد، ليسفكوا دماء الأبرياء في محاولة يائسة لخلق حالة من الرعب والتوتر في الشارع"
وتجدر الاشارة الى ان محللين ومسؤولين عسكريين وامنيين توقعوا قبل بضعة اسابيع وقوع المزيد من العمليات الارهابية بسبب ارتفاع مؤشر الشد والتشنج القومي والطائفي جراء الخلافات السياسية المتعددة الجوانب، وبالفعل فأن الاونة الاخيرة شهدت تصعيدا في العمليات الارهابية، وخصوصا في المناطق التي توصف بالمتنازع عليها بين الاكراد والعرب والتركمان، وكذلك في المدن التي تمتاز بتنوع نسيجها الاجتماعي قوميا وطائفيا ومذهبيا.