سبحان مغير الاحوال ، قال هذه الكلمة وذهب بعيدا ، بعد ان رمقني جاري الذي لم اتاكد بعد من مشاعره تجاهي بعد اكثر من عشرين عاما من الجوار، نظرت الى نفسي فلم اجد شيئا مهما جعله يقول عبارته هذه ، فأي حال تغير وانا مازلت كما انا منذ اخر مرة شاهدت فيها نفسي وانا اتحرق شوقا لمجيء الامريكان الى العراق لتخليصنا من الطاغية ، لم يتغير فيّ شيء سوى بعض التجاعيد التي رسمها الزمن على وجهي ، وربما بعض الملابس التي واكبت بها الموضة لكي لا ابدو (قديم) بنظر الجنس الاخر ، لم يكن هناك شيء يدعوه لما قال ، فكرت كثيرا في ما يدور حولنا فوجدت اشياء كثيرة تغيرت وتصدق عليها عبارة جاري ذو المشاعر المشوشة ، ومنها مثلا اننا كنا نشكو من التصحر ونحذر من الجفاف ، وها هي الحكومة تنذر الساكنين قرب الانهار وتحذرهم من الغرق تحت سيول الفيضانات ، سبحان مغير الاحوال ، هنا تصلح هذه العبارة ، او مثلا عندما نرى اخواننا المتظاهرين يرفعون اعلام كوردستان ملوحين فيها بالانفصال او التكالب على اخوانهم الشيعة ومن قبل كانوا اعداء فألّفت التظاهرات بين قلوبهم ، عندها يمكننا القول ، سبحان مغير الاحوال ، عندما نرى الناس اليوم تطالب بالفيدرالية مثلا وكانوا قبل من اشد الرافضين لها ، يصح ان نقول سبحان مغير الاحوال ، عندما نسمع بان فلان يطالب بالغاء قانون المسائلة والعدالة وقد كان قبل ذلك من الذين يرفعون شعار لا للبعث او لنجتث البعث ، حينها بامكاننا القول ، سبحان مغير الاحوال ، عندما يتهم شخص كان يحاسب الناس ويرميهم بشتى التهم ثم يتضح انه مغتصب وسارق وزان ، عندها نصيح ، سبحان مغير الاحوال ، وكثيرة هي الموارد التي يصح فيها قول هذه العبارة التي كررتها كثيرا على مسامعكم وعلى مسامعي قبل ان استجمع قواي واذهب الى جاري الذي اتضح انه لا يطيقني ، وسألته عن السبب الحقيقي الذي دعاه لقولها ؟ فأجاب بكل برود وغباء ، لانني رايتك تدخن سيجارة الكترونية (بـ ١٥٠ دولار ، وانت قبل بالحصار جنت اتدخن لف ) فقلت له ، وماذا في ذلك ، انا اشتريت هذه السيجارة بـ اقل من ٥٠ الف دينار ، وكل المدخنين العراقيين كانوا يلفون السجائر ايام الحصار ، رغم اني لا اذكر اني لففت سيارة واحدة بنجاح ، ومع ذلك شكرت الله وحمدته على ان جاري انتبه لسيجارتي الالكترونية ولم ينتبه لحال البلد التي لاتسر عدوا ولا صديق .