وفي حين دعا عضو بلجنة الأمن والدفاع النيابية إلى تغيير القيادات الأمنية بالأنبار، وجلب ضباط من خارج المحافظة، قبل "تفاقم" أوضاعها، أكد مسؤول محلي "استقرار" الأوضاع بالمحافظة وارتفاع معنويات القوات الأمنية فيها بعد التعزيزات التي جلبت إليها، نافياً نية إدارتها تسليح العشائر أو الصحوات.
وقال مصدر أمني مطلع في الأنبار، في حديث إلى صحيفة (المدى)، إن "المحافظة شهدت خلال الاسبوع الماضي أحداثاً أمنية متسارعة، تمثلت باغتيال قائمقام الفلوجة،(٦٢ كم غرب العاصمة بغداد)، وتفجير محطات للقطار، وتدمير محطة كهرباء تم نصبها منذ سنتين فقط، وأبراج للضغط العالي، ومنازل لضباط بالشرطة والجيش وبرلماني سابق".
ولقي قائممقام الفلوجة، عدنان حسين في (١٣ تشرين الثاني ٢٠١٣ الحالي)، مصرعه بنيران ارهابيين هاجموه خلال تفقده أحد مشاريع إكساء الطرق في منطقة حي الشهداء، جنوبي المدينة، مما أسفر عن إصابته بجروح خطرة توفى على إثرها بعد نقله للمستشفى.
وأضاف المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن "ارهابيين فجروا ثلاث محطات للقطار، في قضاء هيت،(٦٥ غرب الرمادي)، والبيادر، والبو حياة"، معتبراً أن "استهداف محطات القطار كان متوقعاً، لاستخدامها من قبل الجيش في نقل الأسلحة والمؤن".
وأوضح المصدر الأمني، أن "الارهابيين دمروا محطة كهرباء كبيسة،(١٨٠كم غرب الرمادي)، التي انشأتها شركة يونانية عام ٢٠١١ الماضي، بنحو كامل، واسقطوا خمسة أبراج للضغط العالي، فضلاً عن تفجيرهم سبعة منازل في الفلوجة، تعود لضباط الجيش والشرطة، وللبرلماني السابق أسعد الجميلي".
ورجح المصدر، أن "تكون عملية اغتيال قائمقام الفلوجة ناجمة عن تصفيات سياسية، على الرغم من أن الرجل كان بعيداً عن السياسة ويهتم بالخدمات"، مستدركاً "لكنه كان ينتقد الشركات المنفذة للمشاريع في الفلوجة وسوء إدارة المدينة، وكان قبل مقتله، يشرف بنفسه على عمليات سحب المياه التي خلفتها الأمطار فيها".
وعد المصدر، أن "تنظيم القاعدة الارهابي تمكن من إعادة ترتيب أوضاعه في المناطق الصحراوية والنائية من الأنبار، قبل أن يبدأ بتنفيذ الهجمات داخل مدن المحافظة"، مؤكداً أن "الارهابيين ينصبون نقاط سيطرة بدءاً من قضاء هيت صعوداً إلى الشريط الحدودي مع سوريا والأردن والسعودية".
وذكر المصدر، أن "كل سيطرة من تلك التي ينصبها الارهابيون، تتألف من خمسة إلى ستة ارهابيين ملثمين ويرتدون ملابس مدنية، ويحملون حواسيب نقالة، ولديهم قوائم بأسماء ضباط في الجيش والشرطة، ويطلبون من المارة هوية الأحوال الشخصية"، لافتاً إلى أن "القوات الأمنية عاجزة عن بسط سيطرتها في تلك المناطق، التي تسقط بيد الارهابيين بعد غروب الشمس، لاسيما أن قوات عمليات البادية والجزيرة، زادت الأمر سوءاً هناك نتيجة استعدائها المواطنين وشيوخ العشائر".
ورأى المصدر الأمني المطلع، أن "الوضع المعنوي للقوات الأمنية في الأنبار سيء، وقيادتهم تقديم صورة غير حقيقية للواقع في المحافظة، في حين تطالب العشائر وعناصر الصحوة، الحكومة، بتجهيزها بالأسلحة وسيارات دفع رباعي لمقاتلة الارهابيين "، معتبراً أن "حال الجيش في الأنبار حالياً يشبه ذلك الذي كان يعاني منه جيش صدام قبل الاجتياح الأميركي للبلاد سنة ٢٠٠٣، حين كانت قيادته تقدم للإعلام صورة غير حقيقية عن قدراته ومعنوياته".
وأكد المصدر، أن "الأوضاع الأمنية في الرمادي والفلوجة، شبه منهارة، والقوات الأمنية فرضت خلال اليومين الماضيين، إجراءات جديدة، منعت بموجبها دخول الفلوجة لغير ساكنيها"، متوقعاً "قيام القوات الأمنية، خلال المدة المقبلة، بإحصاء السوريين المهجرين، والعراقيين الفارين إلى الأنبار من عملية الثأر للشهداء، التي نفذت في أيلول الماضي، بمناطق حزام بغداد، وبعض المحافظات الغربية، بهدف طرد المهجرين".
نائب: لا بد من تغيير القيادات الأمنية بالأنبار وجلب ضباط من خارج المحافظة
على صعيد متصل رأى عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، حاكم الزاملي، في حديث إلى صحيفة (المدى)، إن هنالك "ضباطاً مشكوكا بولائهم في الأنبار"، متهماً أولئك الضباط بأنهم "عقدوا هدنة مع الارهابيين، وينقلون معلومات خاطئة إلى القيادات العسكرية".
وقال الزاملي، إن "الاستراتيجية الجديدة لتنظيم القاعدة الارهابي ، أو ما يعرف باسم داعش، تتمثل بمسك الأرض في محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين وديالى"، لافتاً إلى أن "الارهابيين باشروا باستهداف منتسبي الجيش والشرطة، قبل أن ينتقلوا إلى مقرات حكومية ليست محمية بصورة كافية، مثل مراكز البلدية والدوائر المحلية في المدن".
وأوضح عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، أن "تنظيم القاعدة الارهابي يحاول زرع الخوف بين صفوف المواطنين باستهداف منشآت حيوية، وقتل مسؤولين محليين، بهدف إيصال رسائل إلى الحكومة تؤكد استمرار تواجده وفاعليته"، مطالباً بضرورة "تغيير القيادات الأمنية في الأنبار، وجلب ضباط من خارج المحافظة، قبل تفاقم الوضع الأمني فيها، لاسيما بعد حصول المسلحين في سوريا على أسلحة وسيارات حديثة من الجيش السوري الحر، يمكن استخدامها في العراق".
مسؤول محلي: الأوضاع الأمنية مستقرة ولا نية لتسليح العشائر أو الصحوات
لكن نائب رئيس مجلس الأنبار، صالح العيساوي، رأى أن "الأوضاع الأمنية في المحافظة مستقرة"، مبيناً أن "القوات الأمنية تفرض سيطرتها على معظم مناطق الأنبار لاسيما بعد دخول قوات دعم من الشرطة الاتحادية إلى الفلوجة لتأمينها".
وقال العيساوي، في حديث إلى صحيفة (المدى)، إن "المسؤولين في الأنبار غير متشائمين، والأوضاع الأمنية بالمحافظة أفضل كثيراً من السابق"، مشيراً إلى أن "مناطق الصقلاوية والكرمة، والفلوجة، مسيطراً عليها حالياً، وهناك قوات من الفوج الثاني التابع للشرطة الاتحادية، ستدخل الفلوجة لمساندة القوات المتواجدة فيها مما أدى إلى ارتفاع معنويات القوات الأمنية وتعاون العشائر".
ونفى نائب رئيس مجلس الأنبار، "نية إدارة المحافظة أو القوات الأمنية فيها، تسليح العشائر أو عناصر الصحوة"، مؤكداً "رفض المحافظة لوجود أي تشكيلات مسلحة خارج إطار الجيش والشرطة".
وتعد الأنبار من المحافظات "الساخنة" التي تشهد أعمال عنف يومية من الغزو الأميركي للعراق، فضلاً عن حراك مناوئ للحكومة منذ أكثر من ١١ شهراً، في ظل عدم تمكن الحكومة من تفهم أوضاعها أو معالجتها بنحو ايجابي، وتداعيات الوضع السوري المتفاقم عليها.