وقال المدير التنفيذي لمنظمة اوبن دورز الاميركية ديفيد كري، في تقرير نشرته شبكة (فوكس نيوز) الاخبارية، إن "هناك ثقافة خوف تشكلت في العراق تجعل من الصعب على الناس الذين يريدون الذهاب الى كنيسة للتعبير عن ايمانهم، بخاصة في موسم الاعياد"، مبينا أن "المجموعات المتطرفة تتحرّق لافعال التطهير الديني وقد تزايدت اعدادها بخاصة في شمال العراق الذي كان يعد سابقا ملاذا امنا للمسيحيين".
واضاف كيري أن "العراق، الذي كان في السابق موطنا لما يزيد عن مليون مسيحي، شهد هجرتهم مع تصاعد اعمال الاضطهاد"، مشيرا الى أن "تبعات ممارسة طقوس الديانة المسيحية تتراوح من التهديدات والمضايقات الى مهاجمة البيوت ونهب اعمالهم التجارية والاعتداءات الجسدية على المصلين"، عادا هذا بأنه "عنف يجبر المسيحيين على استمرار الفرار من البلد".
وأكد رئيس منظمة اوبن دورز، وهي منظمة حقوق انسان تراقب معاملة المسيحيين في منطقة الشرق الاوسط، أن "في العراق الان ٣٣٠ الف مسيحي"، لافتا الى أن "العراق يصنف في المرتبة الرابعة في قائمة منظمتنا الخاصة بالبلدان التي تشهد اسوأ اعمال اضطهاد المسيحيين"، موضحا أن "كوريا الشمالية والسعودية وافغانستان تأتي في مقدمة تلك البلدان".
واستطرد كري بالقول "اننا في غاية القلق من ان المسيحية الان تتعرض لضغط يوصلها الى الانقراض ربما في العقد القادم او نحو ذلك في الشرق الاوسط"، وتابع "بعض هذه البلدان، بخاصة العراق، فيها بيئة عدوانية جدا بسبب وجود المتطرفين في المنطقة."
وذكرت شبكة فوكس نيوز، في تقريرها، أنه "في الوقت الذي يستعد ملايين المسيحيين في انحاء العالم للاحتفال بأعياد الميلاد، فان عددا متضائلا من المؤمنين في العراق يجبرون على الاحتفاء بمولد المسيح سرا، هذا إن احتفلوا اصلا".
وأضافت الشبكة أنه "في ٢٢ من ايلول الماضي انفجرت قنبلة خارج منزل السياسي المسيحي عماد يوحنا في كركوك، ما اسفر عن جرح ١٩ شخصا، من بينهم ثلاثة من ابناء النائب يوحنا"، وتابعت أن "ضابطا برتبة عميد قال ان انتحاريا يقود سيارة مفخخة فجر نفسه قرب منزل النائب عماد يوحنا في رحيم اوة شمال المدينة، ما اسفر عن تدمير منزله وعدد من الدور المجاورة"، وأشارت الى أن "مدير صحة كركوك صباح محمد امين اوضح ان التفجير اسفر عن اصابة ٤٧ شخصا بينهم اربعة بحالة خطرة جدا".
وبينت الشبكة أن "مصور فرانس برس في كركوك شاهد النائب حنا وهو يرتدي دشداشة ملطخة بالدماء"، ولفتت الى أن "المراسل أكد ان منزل النائب وعددا من سياراته ت باضرار مادية جسيمة، بالاضافة الى مبنى مديرية التربية المجاور لمنزل النائب".
ويمثل النائب يوحنا كوتا المكون المسيحي في مجلس النواب عن مدينة كركوك التي يقطنها خليط من العرب والاكراد المسلمين والمسيحيين، فيما تعد منطقة رحيم اوة ذات غالبية كردية وتعد من المناطق الامنة نسبيا.
ومن جانبه، قال قس من العراق، شريطة عدم ذكر اسمه، إن "التقاليد المسيحية الشائعة، من قبيل شراء شجرة عيد الميلاد او تزيين البيوت لم تعد تلحظ خوفا من الاضطهاد"، مبينا أن "مسيحيين عديدين فقدوا اعمالهم بسبب دينهم".
فيما قال احد العاملين في العراق، عرف نفسه بانه ويليام، إنه "من الملح الصلاة من اجل مستقبل المسيحية في هذا البلد"، وأوضح أنه "لو استمر الحال على هذا المنوال، فلن يبقى مسيحي واحد في كل العراق بحلول العام ٢٠٢٠."
وذكرت الشبكة أنه "في الاسبوع الماضي قال رئيس اساقفة بغداد لويس رافاييل ساكو في مؤتمر في روما انه يجب على الغرب المساعدة في وقف النزوح الرهيب للمسيحيين من الشرق الاوسط"، وأكدت أنه "عد المعاناة بأنها اصبحت كفاحا يوميا لكل العراقيين، بخاصة المسيحيين."
وكشفت الشبكة أن "ساكو اشار الى أنه منذ العام ٢٠٠٣، قتل ما يزيد عن الف مسيحي في العراق، وخطف عدد اكبر من هذا وتعرضوا للتعذيب، كما تعرضت حوالي ٦٢ بين كنسية ودير للتدمير"، وأوضح أن "قسما قليلا بقي مما مجمله مليون و٢٠٠ الف مسيحي من الذين كانوا يعيشون ويتعبدون في العراق في العام ١٩٨٧، وان اعدادهم مستمرة بالانخفاض."
وكانت ادارة كنيسة مار يوسف للسريان أكدت، مساء يوم الثلاثاء، أنها ستبقى "حاملة رسالة محبة" كون العراق جريح وبحاجة الى تكاتف الجميع، وطالبت المسيحيين المهاجرين "بالعودة الى العراق وايقاف الهجرة"، وفيما دعت الحكومة العراقية الى "توفير حقوق كاملة للمسيحيين كما متوفر للأغلبية"، وصف رئيس المجلس الاعلى عمار الحكيم المسيحيين بأنهم "شركاء في البلد ويشكلون جزءا اساسيا في باقة الورد العراقية".
وكان بطريرك الكلدان في العراق والعالم لويس روفائيل ساكو دعا، في رسالة إلى المسحيين في العراق لمناسبة ولادة السيد المسيح وأعياد الميلاد المجيد،الثلاثاء، المسلمين إلى مشروع السلام، من أجل ايقاف العنف وتفعيل منطق الحوار والاستقرار والحرية والكرامة والعدالة في بلداننا التي تنهشها الصراعات.
ويحتفل مسيحيو العراق والعالم سنويا بذكرى ميلاد السيد المسيح وعيد الفصح واعياد رأس السنة الميلادية.
يذكر أن آلاف العوائل المسيحية نزحت من مختلف أنحاء العراق باتجاه إقليم كردستان بعد تزايد وتيرة استهدافها سواء بصورة فردية أم عبر كنائسها، بعد سنة ٢٠٠٣.
ويتعرض المسيحيون في العراق إلى أعمال عنف منذ سنة ٢٠٠٣ في بغداد والموصل وكركوك والبصرة، من بينها حادثة خطف وقتل المطران الكلداني الكاثوليكي بولس فرج رحو في آذار ٢٠٠٨، كان أبرزها حادثة اقتحام كنيسة سيدة النجاة من قبل مسلحين تابعين لتنظيم القاعدة في سنة ٢٠١٠.
وتعرضت كنيسة سيدة النجاة التي تقع في منطقة الكرادة وسط العاصمة بغداد، لاقتحام من قبل مسلحين ينتمون إلى تنظيم القاعدة، في الحادي والثلاثين من تشرين الأول ٢٠١٠ الماضي، احتجزوا خلالها عشرات الرهائن من المصلين الذين كانوا يقيمون قداس الأحد، وأسفر الاعتداء عن مقتل وإصابة ما لا يقل عن ١٢٥ شخصاً، وقد تبنى الهجوم تنظيم ما يعرف بـ"دولة العراق الإسلامية" التابع لتنظيم القاعدة، مهدداً باستهداف المسيحيين في العراق مؤسسات وأفراد.
وكان المسيحيون يشكلون نسبة ٣.١ بالمائة من السكان في العراق وفق إحصاء أجري عام ١٩٤٧، وبلغ عددهم في الثمانينات بين مليون ومليوني نسمة، وانخفضت هذه النسبة بسبب الهجرة خلال فترة التسعينات وما أعقبها من حروب وأوضاع اقتصادية وسياسية متردية، كما هاجرت أعداد كبيرة منهم إلى الخارج بعد أحداث غزو العراق.