وقال مصدر رفيع، ، إن "استبعاد عدداً من النواب والسياسيين من خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة يشكل محاولة أولية لجس النبض"، متوقعاً "حدوث تصفية سياسية لأسماء أبرز قبيل الاقتراع".
وأضاف المصدر، الذي طلب عدم كشف هويته، أن "الأوساط السياسية تخشى مفاجآت كبيرة قبل الانتخابات"، مؤكداً أن "رئيس الحكومة، نوري المالكي، لم يعد يتورع أبداً عن فعل اي شيء لضمان ولاية ثالثة، في ظل خوفه من تراجعه في انتخابات نيسان المقبل".
وكانت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات اعلنت أمس الثلاثاء،(الـ٢٥ من شباط ٢٠١٤ الحالي)، عن استبعاد النواب عالية نصيف وسامي العسكري وصباح الساعدي وعمار الشبلي من الانتخابات البرلمانية المقبلة، على خلفية دعاوى في محكمة النشر والإعلام أقيمت ضدهم.
كما أعلنت المفوضية اليوم، عن حرمان السياسي معروف بانتقاداته اللاذعة للسلطة، مثال الالوسي من الترشح للانتخابات، عازية ذلك إلى تصريحات انتقد فيها "مرشحين آخرين" دون مزيد من التفاصيل.
من جانبه قال النائب المستقل، (المستبعد من خوض الانتخابات)، صباح الساعدي، إن "قرار الاستبعاد جاء بعد تقديم المفتش العام السابق لوزارة الصحة، وهو من حزب الدعوة الإسلامية، الذي يتزعمه المالكي، شكوى ضدي".
وأضاف الساعدي، في مؤتمر صحافي )، أن "المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، بينت أن استبعادي جاء بناءً على شكوى مقدمة من قبل عادل حسن عبد لله، المفتش العام السابق لوزارة الصحة، بعد أن حكم القضاء له بتغريمي مبلغا قدره ٢٥ مليون دينار"، مشيراً إلى أن "المفوضية اعتبرت أن القرار يضر بسيرتي وسلوكي، وبالتالي قررت استبعادي نتيجة ذلك الحكم".
وأبدى النائب المستقل، عزمه على "الطعن بقرار الاستبعاد لدى الهيئة القضائية المعنية بالانتخابات لأنه يجانب الصواب والعدالة، ولن يثنيني عن مواصلة مواقفي سواء شاركت في الانتخابات أم لا"، مستدركاً "سأشارك بالانتخابات وأعود بقوة أكبر".
وتساءل الساعدي "هل أن النائب الذي يمارس دوره الرقابي يكون سيء السيرة والسلوك، وهل أن الذي يكافح الفساد يكون سيء السمعة"، وتابع أن "المقصود من وراء ذلك هو تصفية سياسية لإسكات النائب الذي يكافح ولا يقبل ببناء دولة أحزاب متهرئة فاسدة"، بحسب تعبيره.
واستطرد النائب المستقل، أن هنالك "مساومات لإبعاد مرشحين عن الانتخابات مقابل إبعادي من قبل جهة معينة"، لافتاً إلى أن "جدول أعمال مفوضية الانتخابات كانت يتضمن لأول وهلة، ثلاثة أسماء، لم يكن صباح الساعدي من بينها".
بدوره ذكر الرئيس السابق لهيئة النزاهة، القاضي رحيم العكيلي،)، أن "قانون الانتخابات لم يفسر بنحو تفصيلي قضية حسن السيرة والسلوك، لذلك باتت تخضع لاجتهاد من هب ودب"، معتبراً أن "اجتهاد المفوضية والهيئة القضائية التمييزية في تحديد هذه الفقرة وإبعاد عدد من المرشحين على أساسها، يشكل خرقاً وكفراً بالقانون والدستور".
وأوضح العكيلي، أن "اتهام أي شخص بسوء السيرة والسلوك يتطلب إثبات صحة ذلك"، مؤكداً أن تلك "الإجراءات تمثل استهدافاً سياسياً يراد منه تصفية المرشحين لإفراغ الانتخابات من بعض الشخصيات المهمة ليكون مجلس النواب المقبل خالياً من الأصوات العالية والمعارضة لأداء الحكومة أو سياسات جهة معينة".
وذكر الرئيس السابق لهيئة النزاهة، أن "محكمة النشر والإعلام أصبحت أداة لتكميم الأفواه وانتهاك الدستور وحرية التعبير والإعلام والصحافة"، لافتاً إلى أن "كل من يتكلم تصدر بحقه أوامر استقدام وقبض ويقدم للمحاكم وفق المادة ٢٢٩".
وشدد القاضي العكيلي، على أن تلك "الإجراءات لا تنسجم مع المفاهيم الديمقراطية وتتعارض مع أبسط مواد الدستور المتهالك الذي لم يبقِ منه شيئاً بعد انتهاك أحكامه كافة"، متهماً محكمة النشر، بأنها "تخرق الدستور والقانون ولا تحترمه لأنها تنتهك حرية التعبير والإعلام".
وتابع الرئيس السابق لهيئة النزاهة، أن "محاكمة الإنسان بذريعة انتقاده لشخص ما أمر غير منطقي، لأن زلات الكلام في الإعلام لا تخدش بحسن سيرة وسلوك الإنسان"، مستطرداً أن من "غير المعقول لمحكمة النشر أن تحكم على شخص كونه أدلى بتصريحات ضد وزير أو سياسي بغرامات مالية ويعتبر على أثر ذلك غير حسن السيرة والسلوك".
ورأى القاضي العكيلي، أن "الأثر المترتب على الفعل التقصيري في الإعلام ينحصر بدفع التعويض إما اعتبار ذلك خدشاً بحسن السيرة والسلوك فهذا غير منطقي ولا يتفق مع أبسط مبادئ القانون"، متسائلاً "ما علاقة تصريح سياسي ضد وزير بحسن السيرة والسلوك".
وواصل الرئيس السابق لهيئة النزاهة، أن ذلك "يمثل استخداما للمواد القانونية لخرق القانون والدستور"، وزاد أن تلك "الإجراءات ستؤدي إلى انهاء المعارضة السياسية في العراق، وبالتالي لا يستطيع أحد انتقاد الحكومة أو أي وزير أو مؤسسة ما دامت محكمة النشر والإعلام تتصرف بهذه الطريقة".
وخلص القاضي العكيلي، إلى أن "القضاء العراقي يعاني من مشاكل كثيرة منها انحرافه في تفسير الدستور وتطبيق القانون".
وتنص المادة (٨) من قانون الانتخابات لعام ٢٠١٤ يشترط في المرشح لعضوية مجلس النواب أضافة للشروط الواجب توفرها في إن يكون حسن السيرة والسلوك وغير محكوم بجريمة مخلة بالشرف وأن يكون حاصلا على شهادة الاعدادية كحد أدنى أو ما يعادلها وأن لا يكون قد أثرى بشكل غير مشروع على حساب الوطن أو المال العام وان لايكون مشمولاً بقانون هيئة المساءلة والعدالة او اي قانون اخر يحل محله ".
على صعيد متصل، أعتبر النائب حيدر الملا، أن "قرارات محكمة النشر تضاف للانتكاسات التي تمر بها العملية السياسية"، عاداً أن "ملف الاقصاء السياسي يشهد تطوراً خطيراً".
وقال الملا، الذي استبعد ايضاً من السباق الانتخابي، ، إن هناك "محاولة لإسكات النواب الذين تصدوا للفساد وملف حقوق الإنسان"، مبيناً أن "الدعوى المقامة ضدي من قبل وزير التعليم العالي، لم تصل إلى درجة إصدار حكم وبالتالي فإن مفوضية الانتخابات ردت الدعوى، لكنه ميز عند الهيئة التمييزية القضائية، مما يشكل انتكاسة لمسيرة العملية السياسية في العراق".
واكد النائب ائتلاف متحدون، أن "قرارات إبعاد النواب تتضمن خرقا للمادة الدستورية (١٩) التي تنص على أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمةٍ قانونيةٍ عادلةٍ، ولا يحاكم المتهم عن التهمة ذاتها مرةً أخرى بعد الإفراج عنه إلا إذا ظهرت أدلةٌ جديدة".