وابلغت المصادر ان الرئيس معصوم استقبل خلال اليومين الماضيين في منزله بعيدا عن الاضواء عددا من رؤساء الكتل النيابية وكبار المسؤولين وبحث معهم في ايجاد صيغة قانونية لعمل نواب رئيس الجمهورية وضرورة تقيدهم بالمهام البروتكولية لمناصبهم وعدم استغلالها لمصالح شخصية وحزبية وفئوية.
ونقل عن النائب الكردي محسن السعدون عضو اللجنة القانونية النيابية ان وظيفة نائب رئيس الجمهورية باتت (تشريفاتية) منذ انتخابات ٢٠١٠ ولا وجود لها في الدستور الذي اعطى للرئيس صلاحية تعيين نائب له او اكثر يكلفهم بمهام محددة لمساعدته شرط الا تكون قراراتهم ملزمة للسلطة التنفيذية التي حددها الدستور برئيس مجلس الوزراء ورئيس الجمهورية، مضيفا ان الاجواء السياسية المحتقنة في العراق فرضت على الرئيس معصوم ومن قبله الرئيس السابق جلال طالباني اختيار نواب لهما من الكتل المتنافسة لاضفاء جو من التعاون والالفة للحد من خلافاتهم، مؤكدا ان تجربتي الرئيسين طالباني ومعصوم بهذا الشأن فاشلتان كما اثبتت الاحداث.
ويشير السعدون الى ان الصيغة التي طبقت بين اعوام ٢٠٠٤ و٢٠١٠ كانت جيدة لان رئاسة الجمهورية كانت هيئة رئاسة او مجلس رئاسة وحددت عدد نواب الرئيس باثنين فقط فعندما كان رئيس الجمهورية سنيا عربيا مثل الشيخ غازي الياور كان نائباه الكردي جلال طالباني والشيعي ابراهيم الجعفري وعندما اصبح طالباني رئيسا في الدورة الاولى اصبح الياور والجعفري نائبين له فيما صار طارق الهاشمي السني العربي وعادل عبدالمهدي الشيعي نائبين له في الفترة ٢٠٠٦ – ٢٠١٠ .
ويعتقد رئيس اللجنة القانونية النيابية السابق ونائب رئيس الوزراء الحالي بهاء الاعرجي ان اختيار خضير الخزاعي نائبا ثالثا لرئيس الجمهورية عقب انتخابات ٢٠١٠ أخل بتركيبة نواب الرئيس وكان الغرض من اختياره لهذا المنصب هو لمشاكسة نائبي الرئيس عادل عبدالمهدي الذي قدم استقالته واحترم نفسه وطارق الهاشمي الذي تمسك بمنصبه واخرج منه لاحقا وبقي الخزاعي وحده يتصرف في غياب طالباني.
ويجادل المالكي الذي يكاد يكون الوحيد من نواب رئيس الجمهورية الذي يحيط نفسه بهالة حكومية تشبه ما كان عليه في سنوات رئاسته للحكومة في دورتين سابقتين، ان من حقه ان ينشط سياسيا ويزور المحافظات ويلتقي المسؤولين فيها ويبحث معهم شؤون محافظاتهم لانه رئيس كتلة نيابية مشاركة في الحكومة هي ائتلاف دولة القانون وزعيم حزب سياسي هو حزب الدعوة الاسلامية، وبالتالي فانه لا يسمح حتى لرئيس الجمهورية ان يحد من نشاطه السياسي او يمنع زياراته، ويبرر النائب حسن السنيد وهو الذي شغل مقعد المالكي النيابي عند اختيار الاخير نائبا لرئيس الجمهورية نشاطات المالكي ويصفها بانها فعاليات سياسية وليست وظيفية ولا يحق لرئيس الجمهورية حظرها لانها غير مرتبطة بمنصبه الحكومي وانما هي من صلب مهام المالكي كرئيس لائتلاف دولة القانون وحزب الدعوة المشاركين في العملية السياسية والحكومة الحالية.
ويتهم السنيد نائبي الرئيس اسامة النجيفي واياد علاوي بتحريض معصوم على المالكي ويقول انهما ما زالا حاقدين عليه ويسعيان للطعن به لانه رئيس اكبر كتلة نيابية وزعيم اكبر حزب سياسي في البلاد على حد وصفه.
وقال نواب من ائتلاف دولة القانون لـ(العباسية نيوز) ان المالكي الذي أخرج عنوة من رئاسة الحكومة التي كان واثقا من حصوله على ولايتها الثالثة يسعى ان يظل في دائرة الاضواء ويحافظ على هالته السابقة وهذا حق سياسي كفله الدستور وهو ايضا لا يريد ان يتحول الى موظف حكومي بدرجة نائب رئيس جمهورية وهذا حق شخصي له، وتدافع النائبة حنان الفتلاوي عن زياراته للمحافظات والقاء خطب فيها وتقول: المالكي زعيم سياسي قبل ان يكون نائبا لرئيس الجمهورية ، وتعتقد الفتلاوي انه أخطأ عندما قبل بهذا المنصب الهامشي على حد رأيها.
ووفق ما صرح به نواب من اتحاد القوى وائتلاف الوطنية لـ(العباسية نيوز) فان رئيسي الاتحاد والائتلاف اسامة النجيفي واياد علاوي احتجا على تصريحات المالكي في زيارته الاخيرة للناصرية عندما هاجم الاثنين من طرف خفي ولمح الى ضلوع النجيفي في سقوط الموصل بيد تنظيم الدولة الاسلامية، ونقلاً عن اوساط النجيفي وعلاوي فان الاثنين زارا الرئيس معصوم في منزله السبت الماضي وابلغاه سوية بان المالكي تجاوز حدوده وعليه الالتزام باطار وظيفته وعدم استغلالها لاغراضه الخاصة، وطالبا الرئيس بنصحه وتحذيره من نتائج مواقفه المعارضة للعملية السياسية والمناهضة للحكومة الحالية.
واستنادا الى معلومات حصلت عليها (العباسية نيوز) من مصادر مقربة من النجيفي، فان الرئيس معصوم تفهم ما طرحه الاثنان واكدا لهما انه سبق ونبه المالكي وعقد اجتماعا اخويا معه بهذا الشأن ولكن المشكلة ان هذا (الرجل) لا يسمع نصيحة ولا يتعظ ، وتصرفاته تؤكد انه يناقض نفسه بنفسه، وانه كرئيس للجمهورية لا يقبل لاحد نوابه ان يتجاوز حدود منصبه الحكومي.
في السياق نفسه فان مصادر في رئاسة الجمهورية تشير الى ان الرئيس معصوم اجرى اتصالات مع رئيس المجلس الاعلى عمار الحكيم وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ووزير الخارجية ابراهيم الجعفري باعتباره ما زال رئيسا للتحالف الوطني ووضع الثلاثة في صورة وضع المالكي (الغير السليم) كما وصفه الرئيس والمعلومات المتوافرة عن هذه الاتصالات تفيد بان الحكيم والصدر نصحا معصوم بالابقاء على نائبين له هما علاوي والنجيفي فيما طالب الجعفري بتغيير المالكي واختيار بديل له يرشحه التحالف الوطني.
الرئيس معصوم كما ينقل عن اوساط نيابية يحبذ بالفعل بقاء علاوي في منصبه بعد تكليفه بملف المصالحة الوطنية ويرغب ايضا في استمرار النجيفي نائبا له واسناد مهمات محددة اليه مستقبلا، فيما تؤكد المعلومات ان المالكي سيغادر موقعه الحالي مجبرا بالاقالة او مخيرا بالاستقالة.