وحملت المحافظة الاجهزة الامنية والقضاء التباطؤ في ملاحقتهم وتجاهل خطورتهم داخل المدينة، مؤكدة في الوقت نفسه على ان ظاهرتهم تعود الى العام ٢٠٠٨، لكنها بدات تتسع وتنشط في ظل عدم متابعتها استخباراتيا.
وفي الوقت الذي دانت فيه المحافظة لجوء بعض البرلمانيين الى الدفاع عنهم، وزيارة مناطقهم على حساب حقوق الضحايا، اقر مصدر امني بوجود ضغوط وتاثيرات سياسية تمارس في هذا المجال على الاجهزة الامنية.
و كشف عدي الخدران، قائمقام الخالص، عن "وجود حواضن وخلايا لتنظيم القاعدة في المناطق المحيطة بالقضاء، تتكون من ابناء واقارب العناصر الارهابية والانتحاريين الذين قتلوا على يد الاجهزة الامنية"، مشيرا الى ان "قيادات القاعدة العائدين من سورية والمحافظات الاخرى يديرون تلك الخلايا ويغذونها بالافكار المتطرفة والانتقامية في محاولة لزعزعة الامن واعادة مشاهد القتل من جديد".
ووصف الخدران الجيل الجديد بـ"الزرقاويين الجدد، نسبة الى امير تنظيم القاعدة السابق ابو مصعب الزرقاوي الذي اتخذ من ناحية هبهب التابعة للخالص مقرا لادارة العمليات الارهابية والتخطيط لها"، متهما "جهات دولية بتمويل خلايا الجيل الثالث من القاعدة".
وانتقد بشدة "دفاع بعض البرلمانيين والمنظمات الانسانية عن حقوق قتلى وذوي الجماعات الارهابية والزيارات المستمرة لمناطق الارهاب واغفال حقوق ضحايا الارهاب".
ويصنف الخبراء والمختصون الامنيون تنظيم القاعدة الى ٣ اجيال، الاول هم العرب الوافدون الى المحافظة والذين نشروا فكر القاعدة وقياداتها وامرائها في مناطق واسعة من البلد خلال فترة حل وزارة الدفاع، وعدم وجود قوات امنية نظامية وجاهزة امنيا في ذلك الوقت، اما الجيل الثاني فيشمل العراقيين المتعاونين مع القاعدة والذين عملوا على إشاعة وتأجيج الحرب الطائفية والتهجير وخلق النزاعات المذهبية، فيما يشمل الجيل الثالث عوائل قتلى تنظيم القاعدة من الاطفال والنساء الذين تم تجنيدهم وتدريبهم لتنفيذ عمليات مسلحة وانتحارية لاستهداف اماكن حيوية في ديالى وبإستراتيجية منظمة.
ورأى الخدران ان "مدينة الخالص اصبحت عبارة عن سجن مغلق بسبب الاستهداف الارهابي المتواصل، وتنامي نشاط خلايا الجيل الثالث من تنظيم القاعدة، الى جانب الاجراءات الامنية التي اغلقت جميع منافذ الدخول الى القضاء ما اثر سلبا على مصالح المواطنين التجارية والمدنية والحياتية الاخرى"، مضيفا ان "الخالص تواجه تهديدا من المناطق الشمالية التي اصبحت منفذا لدخول الارهابيين للمدينة والمناطق الاخرى المحيطة بها".
وتابع "الخالص تقف في طليعة قائمة المستهدفين لوقفتها المشرفة ضد الارهاب وافشالها المخططات الارهابية"، لافتا الى ان "المدينة تشكو نقص اجهزة كشف المتفجرات (السونار) لمواجهة التحديات المقبلة، رغم العمليات الامنية لملاحقة العناصر والخلايا الارهابية الجديدة في اطراف المدينة".
من طرفه، اكد احمد ثامر الزركوشي، مدير ناحية السعدية شمال ديالى، على "وجود نشاط معلوماتي واستخباري للجيل الثالث من القاعدة، من الابناء والاقارب"، مشيرا الى ان "القيادات الارهابية بدات بتجنيدهم استخباريا لعدم وجود اي ملاحقة امنية لهم".
ونوه الرزكوشي ، انه "قام بتحذير عدد من عوائل الارهابيين من مغبة التعاون مع الجماعات الارهابية من جديد باي شكل من الاشكال"، لكنه استدرك قائلا ان "ضعف القضاء وعدم تنفيذ مذكرات القبض ضد المطلوبين واطلاق سراح المعتقلين العشوائي كان اكبر فاعلية وتأثيرا من تحذيرات ادارة الناحية لعوائل قتلى الإرهابيين".
واعتبر ان "اداء الاجهزة الامنية يفتقر الى المهنية والجدية وهي تعمل سطحيا، والكثير من عناصرها غير حريص على المستقبل الامني والسياسي للبلاد".
وزاد "الامر الذي سهل عمل الفصائل الارهابية في لملمة صفوفها، وتجنيد عناصر شابة تعمل في مختلف فصائل الحياة المدنية ومؤسساتها لصالح اهدافها ومخططاتها"، مشددا على "ضرورة احتواء وتأهيل عوائل الإرهابيين من قبل الدولة وعدم تركهم فريسة سهلى بيد عتاة الارهاب".
واردف الزركوشي ان "الاجهزة الامنية في ناحية السعدية والمناطق المتوترة تبحث عن الاشخاص الذين يدفعون الاتاوات للارهابيين، بدلا عن بحثها وملاحقتها لقادة الارهاب من الذين ينتمون الى الجيل الثاني، ولم يتم اعتقالهم حتى الان في مناطق عدة من المحافظة".
من جهته، عزا علي الحجية، الناشط السياسي في محافظة ديالى، تنامي نشاط الجيل الثالث من القاعدة وبروزه بشكل واضح في المشهد الامني الى "ضعف الجهد الاستخباري وعدم انتباه الاجهزة الامنية للامر منذ العام ٢٠٠٨ وعدم المعالجة الجدية والمبكرة لملف اجيال القاعدة"، مؤكدا على ان "الجيل الثالث موجود ويعمل على دس الكراهية والتحريض العلني عبر الحوارات والمناقشات العلنية".
وفيما اذا كان الجيل الثالث يقتصر على ابناء القيادات المسلحة، بين الحجية ، انه "ليس بالضرورة ان يكون من ابناء قتلى القاعدة، بل من اقاربهم والمقربين منهم، مستغلين عدم عدم وجود موجبات قانونية لاعتقالهم".
وراى ان "احتواء خطر اجيال القاعدة كان ممكنا قبل سنوات عدة من قبل الاجهزة الامنية، لكن الموضوع اهمل وتولدت اجيال متعاقبة من العناصر الارهابية على ارض الواقع".
الى ذلك، اكد مصدر استخباري رافضا الكشف عن اسمه، ان "الجيل الثالث للقاعدة موجود في ديالى منذ سنين عدة وقد اسهم معلوماتيا في تسهيل تنفيذ الكثير من العمليات الارهابية"، منوها الى ان "الاجهزة الامنية تعاني ضغوط وتأثيرات سياسية متواصلة، لكنها استطاعت الحد من نشاط الخلايا بعض الناشئة للتنظيمات المسلحة وابرزها طيور الجنة".
واضاف ان "بذور تنظيم القاعدة زرعتها دولا اقليمية في العراق، قبل سقوط النظام وبعلمه الا انها تنامت بشكل كبير بعد سقوطه ودخول جيوش من القاعدة الى العراق من مختلف الدول بسبب الفراغ الامني وتاخر بناء الاجهزة الامنية".
وخلص الى القول ان "اسر الصبية والشباب المنتمين للقاعدة تؤمن بشكل كبير بالافكار المتطرفة الطائفية، مما شجع ابنائها على الانخراط في اجماعات المتطرفة .