ان مبادرة اعادة تاهيل ميسان والتي اطلقت مؤخرا تمثل استحقاقا للمواطنين ليس في ميسان وحدها وانما للعراقيين جميعا في كل مواقعهم ، ان ميسان تعد من اكبر المحافظات النفطية في العراق وهي عائمة على بحيرة من النفط ولكن هناك فجوة كبيرة بين هذه الثروة الهائلة تحت الارض وبين الواقع الذي يعيشه الناس فوق الارض من الحرمان من ابسط القضايا الضرورية والخدمات الحياتية وحينما نتحدث عن نسبة محدودة من ايرادات شركة نفط ميسان ، ١٥% لتصرف على اعادة تاهيل هذه المحافظة انما نرفع شعار من ميسان والى ميسان ولا نطلب ارهاق المحافظات الاخرى بان يقدموا لهذه المحافظة وانما نطلب ان يخصص جزء يسير من ثرواتها لبناءها وبناءها يعم بالفائدة على جميع العراقيين ، حينما يصل تصديرنا النفطي اليوم الى اعلى مستوى شهده العراق في غضون ثلاثين سنة الماضية لتصل ايرادات النفط العراق في شهر آب الماضي الى ٨ مليارات وما يقرب من ٥٠٠ مليون دولار ، ان هذا يمثل خطوة كبيرة وانجاز عظيم للعراق وشعبه ، ولكن متى سيلمس المواطن العراقي هذه الميزانيات الضخمة والكبيرة في واقعه المعاشي وفي حياته اليومية ، متى سيجد المواطن الخدمات من الماء والكهرباء والرعاية الصحية والتربوية والجامعات والمدارس المتطورة والمستشفيات النظيفة ، متى سيحصل العاطلون عن العمل على فرص للعمل الحقيقي المنتج الذي يستثمر طاقاتهم ويوفر لهم فرص العيش الكريم ، ميزانية العراق لشهر واحد يعادل ميزانية دولة في المنطقة ، اين تذهب هذه الميزانية وكيف تنفق ، لو كانت المحافظات المنتجة للنفط تستثمر جزءا من هذه الثروة في بناء نفسها وشعبها والخراب الكبير الذي لحق بها لتعود الى الخدمة والعطاء الحقيقي سنجد هذه المحافظات عطاءها ليس بالنفط فقط بل سيعم خيرها زراعة وصناعة وغيرها تعم على العراقيين جميعا ، ان ربع الغام العالم بالعراق وحده والمحافظة الاولى في حجم الالغام هي ميسان هذه الاراضي الشاسعة الواسعة المعطلة اليوم نتيجة الالغام لو تطهر وتعود الى الزراعة ستوفر السلة الغذائية للعراقيين جميعا وتلك الاراضي التي تجففت من اراضي الاهوار لو اعدنا الماء واستصلحنا سائر الاراضي لحصلنا على ثروة زراعية وسمكية وكل ذلك ليس في خدمة الميسانيين لوحدهم وانما كل العراقيين في ظرف يجري الحديث والتكهنات من الخبراء عن ازمة غذاء عالمية في قادم الايام .
ان الثروة الحقيقية للعراق هي العدالة والنظام والاسس الصحيحة في ادارة البلد وتراكم التجربة في التعاطي مع القطاعات الزراعية والصناعية والتجارية وغيرها ، الدولة الغنية هي تلك الدولة التي تمتلك قدرات تنظيمية كبيرة في استثمار قدراتها وطاقاتها وتتجنب هدر المال العام والفساد الاداري والمالي والاسراف ، ان الدولة القادرة على توظيف امكاناتها هي الدولة الغنية التي يجب ان ننشد اليها ونعمل من اجلها وهناك دول فقيرة تحولت الى دول غنية وعملاقة بفضل هذا التنظيم والاستثمار الصحيح للامكانات .