منذ اللحظات الاولى لتشكيله ، والاعلان عن تأسيسه في السابع عشر من تشرين الثاني عام ١٩٨٢ كان المجلس الاعلى عنوانا كبيرا في مسار العمل السياسي العراقي من خلال قادته المؤسسون الاوائل ، ومن خلال خطابه السياسي الوطني والمعتدل والمنفتح على حركة الأمة باطارها الواسع ، وليس كتشكيلة حزبية مؤطرة ضمن اطار خاص ، حتى مع تحوله اليوم الى كيان تنظيمي يعمل على تنظيم وضعه الخاص بما ينسجم ومتطلبات المرحلة الجديدة التي لاشك تختلف عن سمات ومتطلبات ظروف الانطلاقة الاولى ، حيث النضال السلبي والكفاح المرير من اجل وأد الدكتاتورية والاستبداد واجتثاثها من ارض المقدسات عراقنا الجديد . ولاغرابة ان يعاد تجديد المجلس الاعلى الاسلامي العراقي سواء في اسمه بعد ان كان المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق ، وحتى شعاره ولونه الخاص ، وايضا في تشكيلة كادره بما يضمن له الشبابية والديناميكية ومواصلة متطلبات الحياة السياسية الجديدة في العراق ، وبما يجعله كيانا متواصلا مع حركة الامة العراقية لامتخلفا عنها فيتجاوزه الركب الى ماهو افضل ، ولعل من النقاط الايجابية في حركة المجلس هو اعطاء مكانة خاصة للشباب والمرأة سواء في طروحات المجلس او برامجه او على صعيد الكادر العامل في تيار شهيد المحراب او داخل مؤسسات الدولة العراقية ، وعلى سبيل المثال فقد جاء اعلان يوم المرأة العراقية على خلفية نداءات شهيد المحراب ( قده ) بهذا الخصوص ، اضافة الى ان دعوة عزيز العراق ( رض ) الى اتخاذ الاول من صفر يوما اسلامياً لمناهضة العنف ضد المرأة ( وهواليوم الذي يصادف دخول سبايا كربلاء الى الشام ) انما يؤكد حضور المراة في مختلف المشاريع التي تبنتها قيادة المجلس الاعلى على صعيد احقاق حقوق المراة في مختلف الميادين والساحات المهمة والتي هي بحاجة الى حضور المراة فيها كما هي الحاجة الى حضور الرجل ايضا .
لم يصل المجلس الاعلى الى ماوصل اليه من وجود متجذر في التربة العراقية ، وقوة سياسية يحسب لها حسابها الخاص ، الا لكونه تشكيلة قادها رجال أفذاذ ، ولانبالغ اذا قلنا ان قيادة شهيد المحراب اية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم ( رض ) اعطى وزنا لهذا التشكيل المبارك والمدعوم من قبل المرجعية الدينية وتيار واسع من ابناء الشعب العراقي ، وما التضحيات السخية التي قدمها المجلس الاعلى على مذبح الحرية والعدالة والاستقلال الا دليلا كبيرا على الالتفاف الواسع من قبل ابناء العراق الغيارى مع هذا الكيان الذي نبع من الامة ومن اجل الامة والدفاع عن مصالحها مهما كلفها من ثمن ، وان الروح الابوية التي يتمتع بها المجلس الاعلى في رؤاه المبدئية ومواقفه المسؤولة ودفاعه المستميت عن مصالح الشعب العراقي بمختلف اطيافه وانتماءاته قد حوّل المجلس الاعلى الى خيمة يمكن ان يستظل بها الجميع .
هكذا ولد المجلس الاعلى ، وهكذا استمر ، وهكذا سيبقى باذن الله تعالى وبالتفاف الجماهير العراقية حوله ، وما تضحيات آل الحكيم وخاصة شهيد المحراب وعزيز العراق ( طاب ثراهما ) واستمرار النهج الاصيل في ظل القائد سماحة السيد عمار الحكيم الا ضمانة اكيدة لاستمرارية تيار شهيد المحراب ، وريادية المجلس الاعلى في الساحة ، حيث الاصالة في المبادئ ، والوطنية في الخطاب السياسي ، والواقعية والاعتدال في رسم السياسات وتبني المواقف بما لايشكل خروجا عن المبادئ ويحقق اهداف الامة وبشكل دائم ومستمر ، عبر تبني منطق بناء الدولة حتى ولو جاء على حساب منطق السلطة ومصالحه الانية فيه ، ذلك لان بناء دولة القانون والدستور والمؤسسات اضمن لمصالح الامة وبشكل دائم من تغليب المصالح الفئوية التي قطعا تأتي على حساب المصالح العامة للشعب .
اليوم وانا ألاحظ في اروقة ومكاتب المجلس الاعلى وفي عموم مؤسسات التيار الحكيمي طاقات شبابية متبنية العمل وبكل نشاط وحيوية انما يؤكد حيوية هذه المؤسسة الرائدة وقدرتها على تجديد الذات ومواصلتها تتبع اهدافها الكبيرة المتمثلة ببناء الدولة العراقية وتكريس كل ماهو صحيح في عملية البناء حتى ولو جاء على حساب بعض استحقاقاته الانية ، فالمجلس لم يولد الا لهدف كبير الذي كان يتمثل بازاحة اعتى دكتاتورية عرفها التاريخ العراقي الغابر والحديث ، وهو – أي المجلس – يتابع مساره اليوم لهدف كبير اخر والذي يتمثل ببناء العراق الجديد على اسس صحيحة وسليمة بما يضمن عدم عودته الى الاستبداد والطغيان بعونه تعالى .