فماذا كان يقصد سيد الشهداء (ع) في التأكيد على هذه القرابة وهذا الانتساب ، هل كان يحاول بذلك اعطاء الشرعية لحركته منذ خلال هذا الانتساب العائلي ، ام كان يقصد الانتساب الروحي والمعرفي والذي اكتسب مكانة اكبر من خلال صلته الصهرية من جده الرسول ( ص ) عبر والدته بضعة الرسول فاطمة ( ع ) ، والتي كانت فرصة ليتربى في احضان رسول السماء ويتشبع بقيم الرسالة على غرار ابيه الامام علي ع الذي وصفه الرسول ص بكتاب الله الناطق ، والذي يدور الحق معه اينما دار ؟
لاشك ان الامام الحسين ع ابعد مايكون عن استغلال القرابة العائلية لاهداف سياسية وارضاخ الاخرين عبر هذا الانتساب ، وانما كان تذكيرا للامة بانه ليس ببعيد عن اسرار الرسالة ومقاصدها عند نزول الوحي على رسول الله ( ص) وتفانيه وذوبانه في خط الرسالة بما دعا اليه الرسول ص ، وليس هو بالانسان الذي طرأت الرسالة عليه فجأة وامن بها رغما عنه ، وانتقل الدور له وفق طريقة التوارث بالسلطة ، على غرار ماتم بالنسبة لمعاوية وتولية ابنه يزيد رغم وجود معاهدة صلح بينه وبين الامام الحسن ع ينظم وجود من يكون على راس السلطة بعد موت معاوية ، حيث تنص وثيقة الصلح بان الحكم ينتقل الى الامام الحسن ع وفي حالة وفاته فان الامر يوكل لاخيه الامام الحسين ع ، وهذه الوثيقة بحد ذاتها تشكل اعترافا بشرعية الامام الحسين في تولية الحكم من بعد معاوية ، وتعطيه الشرعية في الخروج على يزيد الذي ليس لديه مايبرر تمسكه بالحكم لا بنص ولا بالتزامه باوامر ونواهي الشريعة المقدسة ، وبالتالي فهو قد استغل فرصة وجود ابيه على راس السلطة والذي عمل عى تهيئة الاجواء له عبر نكثه لوثيقة الصلح وعمله على اخذ البيعة من الناس لابنه يزيد الذي كان يمثل الوجه الابرز في الخروج على شريعة السماء قولا وفعلا وبشكل سافر وتحد لكل المسلمين .
لقد استخدم الامام الحسين ع هذا النهج في تاكيد صلته المعرفية والوجدانية والقرابية بالرسول ص حتى في اللحظات الاخيرة من مصرعه واستشهاده ، حيث كان يدعو من يجلس على صدره لحز راسه الشريف ويقول له انسبني لمن اعود ، في محاولة تذكير للامة التي نكثت عهدها والاشخاص الذين جاءوا لقتاله ، عسى ان تكون وسيلة لردعهم عما هم مقدمون عليه ، فكان يخشاه البعض ويتردد اخرون حتى وهو في اللحظات الاخيرة من استشهاده ، الى ان جاءه الشمر وهو مصمم على القتال والتقرب الى آل معاوية بقتل الحسين ع ، حيث كان كل هم الحسين ع هو استخدام مختلف العناوين والوسائل التي من شانه التاثير في الناس وتشجعيهم على قبول الحق والابتعاد قدر الامكان عن الباطل الذي من شانه ان يخسرهم الدنيا بكل بهرجتها ولو بعد حين والاخرة بكل وعودها وجنة عرضها السموات والارض اعدت للمتقين والذين هم سائرون على الطريق ولاتاخذهم في الحق لومة لائم .