وفوجئ العراقيون بصوت رئيس برلمانهم، أسامة النجيفي، وهو يقطع حديث رئيس الحكومة نوري المالكي، في المؤتمر الصحفي المشترك مساء الاثنين الماضي، ليسأله متعجباً عن سبب "إهمال البيان المشترك بنداً خاصاً بمطالب المتظاهرين السنة".
وكان المالكي أجاب عن تساؤل النجيفي بالقول "هاي الفقرة نخليها بيناتنه"، فيما خضير الخزاعي، نائب رئيس الجمهورية، وصالح المطلك، نائب رئيس الجمهورية، أطلقا همهمة مسموعة.
ويقول مصدر سياسي مطلع كان يرافق الرئيسين وهما يعودان من المؤتمر الصحفي في ممر بناية مجلس الوزراء إنهما "تبادلا عتباً حاداً قبل أن يغادرا المكان".
وأضاعت "سقطة" البث المباشر على القيادات السياسية العراقية فرصة تهدئة الأوضاع المشحونة والمتوترة على ايقاع احتمال هجوم عسكري ضد سورية.
وأضاف المصدر، لـ"العالم"، أن "أجواء الاجتماع إيجابية بالفعل، لكن نهاية المؤتمر الصحفي أفسدت كل شيء". وتابع "خرج الجميع غاضباً، فيما تحدث البعض عن ضرورة التخلي عن فكرة البث المباشر في مناسبات لاحقة".
ودخل النجيفي، ابرز زعيم سني معارض للمالكي، على خط الدبلوماسية العراقية في الأيام القليلة الماضية، بوصفه أحد الوسطاء بين القوى الإقليمية لإقناعها بالحل السياسي، وهو الخيار الذي دافع عنه المالكي منذ اندلاع الثورة السورية.
ويعود نشاط رئيس البرلمان إلى معلومات أمنية تفيد باحتمال دخول مجاميع كبيرة من المسلحين السوريين، خصوصاً من جبهة النصرة المتطرفة، إلى مناطق عراقية قرب الحدود، من بينها الموصل، مسقط رأس النجيفي ومعقله الانتخابي الأبرز.
وحملت طهران النجيفي، رسالة إلى رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، تتعلق بتقديرات لتداعيات هجوم اميركي وشيك على سورية، كما استمع إلى شرح من رئيس الوزراء نوري المالكي، خلال لقائهما السبت الماضي، للمخاطر التي سيتعرض لها العراق وتركيا تحديدا في حال شنت أميركا هجوما على سورية.
وقال سياسي سني مقرب من النجيفي، لـ"العالم"، إن "الموقف السياسي للقوى السنية انقلب رأساً على عقب في اليومين الأخيرين، حتى أن بعض الزعماء شعر بخيبة أمل كبيرة، بعد معرفة المواقع التي يستهدفها الهجوم العسكري للولايات المتحدة ضد سورية".
وبينما كان الزعماء العراقيون يحاولون إظهار قدرة على التعامل مع أزمات اقليمية كبيرة، كما في سورية، انتقل إياد علاوي وأحمد الجلبي إلى أربيل، للقاء رئيس الاقليم مسعود بارزاني.
ويأتي الاجتماع الثلاثي في اربيل بعيد ساعات من اجتماع للرئاسات الثلاث في البلاد ببغداد لمناقشة الازمة في سورية، واجمعوا على رفض توجيه ضربة لها، وادانة استخدام السلاح الكيمياوي.
وقبل الاجتماع صرح علاوي بأن أوضاع العراق بالغة الخطورة، فيما كرر الجلبي دعوته إلى "تشكيل اتحاد كونفدرالي بين العراق وسورية".
وقالت مصادر سياسية مقربة من زعيم حركة الوفاق إنه، والجلبي، رفضا حضور اجتماع الرئاسات الثلاث في بغداد، برعاية المالكي، "لأنهما لا يودان أن يشاركا في فعالية سياسية قد يحقق المالكي منها مكاسب خاصة".
وفي أربيل، يبدو ان علاوي والجلبي اختبرا موقف بارزاني في الحكومة العراقية بشأن الملف السوري.
وقال مصدر سياسي كردي لـ"العالم"، إن "الرئيس بارزاني غيّر خطابه السياسي من الأسد، بسبب وقائع جديدة في الميدان السوري وتأثيره على الكرد هناك"، مشيراً إلى أنه "تلقى معلومات من سياسيين كرد سوريين بان الجهات السورية المتطرفة والتي تسيطر على المعارضة لن تسمح للكرد بالعيش في وضع أفضل في مرحلة ما بعد الأسد".
وقال المصدر إن "ضغوطاً خارجية اجبرت بارزاني على وقف تنفيذ قراره التدخل في سورية لصالح الكرد"، لكنه "قرر تغيير جفرة الخطاب السياسي، ما جعله شبيهاً بموقف المالكي من الأزمة السورية، ليطالب بالحل السلمي".
وقال المصدر إن "اياد علاوي والجلبي على قناعة بخطورة الوضع العراقي جراء الاحداث في سورية، وإنهما لا يغامران بإطلاق احكام متطرفة ضد أي لاعب اقليمي، لكنهما شعرا بخيبة امل من تقارب سريع بين بارزاني والمالكي".